يداعبك حلم حتى توشك أن تشعر بنبضه في حياتك ليخرج الى واقع تعيشه، لكنك تستبعده وتقول إنه مجرد حلم. واجمل الاحلام هي تلك التي تحولت الى اختراعات ومكتسبات بشرية نعيش في متعة الاستفادة منها. ذلك ان الحالمين هم الذين حولوا احلامهم الى حقائق وتابعوها حتى صارت واقعا. البعض يظن ان الحلم مجرد تخيلات بعالم أجمل، لن يرى النور وسيظل محبوساً في الصدور. والبعض يظن ان نقص الخيال هو الذي يميز القادرين على الانجاز لأنهم لا ينجرون وراء احلامهم وتخيلاتهم بل يعملون دون توقف.أتصور ان امكانية ان تكون حالما وتكون عاملا دون توقف لجعل هذه الاحلام حقيقة، هو ايضا سمة الكثير من المنجزين. فصفة نقص الخيال التي يرتبط بها بعض المنفذين والمقلدين ليست بالضرورة صفة متلازمة مع الانجاز بل متلازمة مع الاستمرارية. فالحالمون يشقون طرق البدايات، ويتخيلون كيف يمكن للعالم ان يصبح في ظل تحويل حلم ما الى حقيقة. والذين يأتون للمواصلة لا يحتاجون لكثير من الاحلام وسعة الخيال بل الى ايمان ان ما تم يستحق الاستمرار. وهم يتجهون الى مواصلة طريق تنفيذ ما حلم به الذين اخرجوا حلمهم من صدورهم ليشركو آخرين في تنفيذه. التأجيل وأد للحلم: تتردد تظن ان الوقت غير مناسب، تقول قد تنضج الظروف وتصبح مواتية، حينها يمكن المجاهرة بالحلم والوصول الى مناخ يناسب تحقيقه. لكن الظروف لا تأتي والاحلام تتغير، وتلك التي كان وقتها ملائما تذوي وتموت. ربما تحتاج الاحلام الى جرأة تخرجها من صدور الحالمين الى حياة كل يوم. ربما يحتاج الحالمون الى شحنة تشجيع تحيط لحظة اخراجهم الحلم الى واقع. ربما يحتاج الناس العاديون الى التفاف حول حلم لجعل الوان الحياة حولهم تتشكل على نحو يجعل الاستمرار قابلاً للمعنى.كم حلم قمنا بتأجيله ثم صار حنينا لذكريات زمان نابض بالتوقعات والاحتمالات الممكنة . وكم حالم مر بنا فناقشنا احلامه التي بدت مغايرة ودجناه حتى قبل أن نسمح لحلمه بالمرور الى معايير التجربة.الخشية من التغيير هي التي تجعل التأجيل للأحلام سائدا. فالاحلام هي لحظات انطلاق الى عالم مغاير. والعالم المغاير هو الذي يعد بالرهبة لأن الانسان عدو ما يجهل. والذين يغامرون نحو المجهول يحتملون العودة باللؤلؤ أو العودة بالكاد مع الرمق الأخير من الحياة. تتداعى كل هذه الافكار في رأسي وانا أشاهد صديقة لي بحاجة الى تغيير نظام حياتها. لكنها بين الحلم وبين الخوف من الجديد تقدم خطوة وتتراجع خطوتين. حلمها بسيط لكنها تستمرئ تأجيله مرة بعد أخرى، وتنتظر معجزة تنزل من السماء كي تتغير الظروف ويصبح حلمها قابلا تلقائيا من نفسه للتنفيذ. لكن الاحلام المؤجلة مجرد تخيلات ملائمة لساعات ماقبل النوم. الاحلام القابلة للتنفيذ تحتاج نفس لها همة للتطبيق تعادل همة التخيل. [email protected]