تداولت بعض شبكات التواصل الاجتماعي البيان الصحفي (التليفزيوني) لمعالي وزير الصحة عن فيروس كورونا النمطي، وبتعليق «يا جماعة أخيراً ظهر وزير الصحة بتصريح، ترى الموضوع جداً خطير، كلنا ينتبه، الرجاء احذروا التجمعات». الذي أقر فيه بوجود هذا «الفايروس» في المملكة منذ سبتمبر الماضي وأن هناك وفيات بين المصابين، وأنه حتى الآن لم يجر تحديد كيفية انتقاله ولم يتم التوصل بعد إلى طريقة لمحاصرته. كما دعا للتقيد بالنظافة الشخصية كوسيلة لتجنب انتقال العدوى، وأنهم يعملون مع منظمة الصحة العالمية وبيوت خبرة في سبيل الوصول للحد من انتشار هذا «الفايروس»، وقد استعان الوزير في مؤتمره بممثل من منظمة الصحة العالمية الذي أكد على هذا التعاون وعلى معرفتهم بالإجراءات الوقائية التي تنفذها الوزارة. لقد صاغ الوزير بيانه بلغة إعلامية متقنة، فلم يتطرق لتفاصيل هذه الإصابات، وهل كان للمستشفيات معرفة بهذا «الفايروس» منذ اللحظة الأولى لقدوم هذه الحالات إليهم؟، أم أنهم ظلوا في حيرة من أمرهم غير عارفين بأمر هذا «الفايروس» الغامض والجديد على مختبراتهم؟ أما نحن المواطنين من خارج القطاع الصحي فليس لدينا أي معلومة عما قامت به الوزارة قبل تزايد حالات الإصابة بهذا «الفايروس»، فهل عممت مباشرة خصائص هذ «الفايروس» على مختبراتها ومختبرات المستشفيات الخاصة، وحذرتهم بعد اكتشاف إصابة مريض (بيشة) به مباشرة، أم ظل الأمر طي الكتمان، في انتظار أن يختفي هذا «الفايروس» كما اختفى من قبل عديد من «الفايروسات» القاتلة! وهل لو تم تعميم أعراض الإصابة بهذا «الفايروس» لأمكن لهذه المستشفيات التقليل من عدد الوفيات بعون من الله تعالى؟؟. هناك الآن كثير من الشائعات يتناقلها الناس عن إصابات جديدة ووفيات، وأن هناك مستشفيات موبوءة بهذا «الفايروس»، التي أصبحت لا ترحب بالمرضى إلا في الحالات الطارئة، وعن إجراءات صحية مشددة ستتخذ، وما غير ذلك من الأقاويل والشائعات التي يتكاثر تداولها في ظل غياب المعلومة الكاملة عن الوضع. لقد أثار مقال الأستاذ عبد السلام الوابل «لماذا هرب مكتشف كورونا؟ « المنشور السبت الماضي في هذه الجريدة كثيراً من الملاحظات والتعليقات وتم تداول المقال (583 في الفيس بوك و2540 ريتويت)، بسبب ما أثاره حول الموقف السلبي للوزارة تجاه هذا الطبيب الذي يبدو أنه كان لاجتهاده في البحث المخبري سرعة الوصول إلى نوعية «الفايروس» لمريض بيشة. ولكن مقابل كل ذلك لم تمنحنا وزارة الصحة أية رواية عن هذه التفاصيل بحيث يتوقف الناس عن إبداء الملاحظات التي يتسم البعض منها بالتشكيك فيما تقوم به من إجراءات تهدف إلى حمايتهم والحفاظ على صحتهم. وهذا ما جعل البعض يعطي للشريط التليفزيوني لبيان وزير الصحة هذا العنوان القريب من التهكمية. كل ذلك يتم بسبب الشفافية المغيبة والمحدودية في توفير المعلومة. إن إخفاء الحقيقة أو إيصال بعض منها، لا يوفر للمُستقبل أو المتلقي الرضا والراحة الفكرية والعاطفية التي يحتاجها كي يتخلص من القلق أو التوتر الذي ينتابه جراء محاولته معرفة ما يجري من حوله من أحداث أو أسباب لأحداث جرت وما زالت تدور من حوله، خاصة حين يحس بأنه مقيد بأسوار قُصد بها محاصرته ومنعه من رؤية كامل الصورة. لقد كانت هذه الأسوار في السابق عصية على الاختراق ولكنها اليوم لم تعد كذلك، فعصرنا الحالي هو عصر انحسار كل الستائر وسقوط كل الأقنعة مهما كانت حديدية. إن الاستمرار في نهج التضليل والتعتيم لم يعد مجدياً، وأصبح الوصول إلى تفاصيل الحقيقة ليس بالقضية المعقدة، فلدى الإنسان سبل شتى تجعل من بلوغ ذلك ليس بالأمر المحال، المهم توفر الإرادة والعزيمة وعدم الاستسلام للأحجبة التي تُوصد بها العيون وتُغلق بها العقول.