أثقلت ميزانية هذا العام كاهل الوزارات بتوقعاتها التي قد تحيد بها عن أداء وظائفها الأساسية. فمثلا يتوقع من قطاع التعليم تطوير أنظمته وهيكله التعليمي وتغطية العجز وحل مشكلة البيئة التعليمية من نظام ومعلم وكتاب ومدرسة إضافة إلى سد حاجة المدارس بأعداد تتناسب والتوسع المتوقع بعد الانتهاء من تشييد نحو 742 مدرسة جديدة و2900 مدرسة قائمة، إضافة إلى 2552 مدرسة نفذت خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وبناء أكثر من أربعين كلية جديدة ومرافق للجامعات التي فُتحت مؤخراً، وتأسيس مشروع الجامعة الإلكترونية. ويتوقع من وزارة الصحة إنشاء 17 مستشفى خلال عام 2012، إضافة إلى 130 مستشفى قيد الإنشاء. ثم هناك قطاع المياه والزراعة والتجهيزات الأساسية لمشروعات في المدن الصناعية، وتعزيز وترقية شبكات المياه والصرف الصحي وغيرها الكثير. معنى هذا أن كل وزارة ستقوم على حدة بإنشاء جهاز ضخم لإدارة مشروعاتها ووضع المقاييس والأنظمة الخاصة به وتعيين مهندسين ومصممين ومخططين ومنفذين وبأعداد كبيرة وتخصصات مختلفة كي تتمكن من إنجاز هذه المشروعات الهائلة في أقل زمن. وهو حمل سيتسبب بلا شك في إصابة الأجهزة الوزارية بخلل في الموازنة بين دورها التربوي التعليمي ودور المهندس المبتدئ وبهذا يتكرر مسلسل الفشل الذي لم نخرج منه بعد ونحكم على المشروع التعليمي والصحي ومشروع النقل وغيرها بالفشل الذريع. وبما أن هذا الواقع سيتكرر مع معظم الوزارات فإنه من الأجدى أن تنشئ الحكومة وزارة أو هيئة مستقلة لإدارة المشروعات تقوم بدور المقاول المتخصص وتقدم خدمة الهندسة والتنفيذ والصيانة لجميع متطلبات الوزارات من مبان ومنشآت وطرق ضمن خطة شاملة تدرك حاجات المناطق الآنية والمستقبلية بأحسن المواصفات والمقاييس لزبائنها من الوزارات المستفيدة. وبهذا نفصل بين المستفيد والمنفذ من أجل تحقيق المتابعة والشفافية والمهنية العالية وبهذا نضرب الفساد في مقتل. فصاحب بالين كذاب وإن اجتهد.