من باب الصراحة، ليس لدي اليوم «نفس» في كتابة حرف واحد! ولولا الخوف من «جماعة الشرق» لأغلقت هاتفي في يوم إجازة اضطراري يوافق هذا اليوم الأربعاء! لذا ما رأيكم لو ذهبنا في استراحة «جامعة» للأدب والشعر وسرعة البديهة تلك التي قضى عليها التعليم العام بالضربة القاضية بتحويل «الدّارس» إلى ببغاء زاهي الألوان يبهج من حوله بترديد ما يقولون فيصفقون له ويتعجبون من بديع صنع الخالق؟! لقد شطحت إلى «النكد»! أعرف ذلك! وأنتقل للقصة التراثية التي تقول: إن هارون الرشيد خرج متنكراً فوجد صبياً دميماً ضعيف البدن لا يشارك أقرانه اللعب وهم قالوا «أبركها من ساعة» فعينوه «مستشاراً» لحفظ ثيابهم حتى فراغهم من اللعب لذا انشغل بتقليب الثياب وهو ينشد: (قولي لطيفك ينثني/عن مقلتي عند الهجوعِ/كيما أنام فتنطفي/ نار توقّدُ في ضلوعي/ أما أنا فكما عهدتِ/فهل لوصلك من رجوع/ دنفٌ تُقلّبه الأكفّ /على فراشٍ من دموع) فأدرك العجب الرشيد لصغر سن الغلام وسأله عن قائل الشعر فأجابه: «أنا»! فاندهش واختبر شاعريته طالباً منه إبقاء المعنى وتغيير القافية؛ فأنشد الغلام فوراً:( قولي لطيفك ينثني/عن مقلتي عند المنام/كيما أنام فتنطفي/ نار توقد في عظامي/ أما أنا فكما عهدت/فهل لوصلك من دوام؟/ دنفٌ تقلّبه الأكفّ /على فراشٍ من سقام) فكاد أن «ينجلط» الرشيد من الدهشة! لذا اختبره للمرة الأخيرة طالباً منه نفس الشيء بإبقاء المعنى وتغيير القافية! فأنشد الصبي: (قولي لطيفك ينثني/عن مقلتي عند الرقاد/كيما أنام فتنطفي/ نار تأجّج في فؤادي/ أما أنا فكما عهدت/فهل لوصلك من نفاد؟/ دنفٌ تقلّبه الأكفّ /على فراشٍ من قتاد)! ولم يكن ذلك الصبي «الهلفوت» إلا «ديك الجن الحمصي»!