تحدثت عن معجزة الرؤية فسأل الأخ (رامي الذيب) عن توضيح هذه الأعجوبة التي يحملها كل كائن في رأسه بما فيها النحل والذباب. لكن معجزة الرؤية تحدث عنها (جون ستانسيو) و(روبرت آغروس) في كتابهما (العلم في منظوره الجديد) وكلا الرجلين من فلاسفة العلم. (فلسفة العلم) هي محاولة فهم البناء العلمي خارج التكنولوجيا وإنتاج الأشياء؛ فمن أراد القراءة في الموضوع؛ فليذهب للكتاب فهو توزيع سلسلة عالم المعرفة الكويتية، وقد قرأت الكتاب أنا شخصيا أكثر من عشر مرات، على قاعدة البناء المعرفي الأولى: الكتاب الجيد يقرأ عدة مرات. في هذا الكتاب يحاول أن يبني فهم العلم المعاصر على قواعد جديدة تقترب من المفاهيم الدينية ومعنى الروح، ويذكرون في هذا الصدد أن الرؤية تتم بآلية أعقد بكثير مما نتصور. صحيح أن هناك مخاريط وعصيات في قاع العين في الطبقة الشبكية، هي من يلتقط الضوء وينقله على شكل نبضات عصبية، لكن المعجزة ليست هنا وإن كانت أمرا رائعا. المخاريط مختصة بالنور القوي والألوان وتحتشد في لطخة مركزية. أما العصيات فتتوزع على المحيط. عدد الأولى ثلاثة ملايين والثانية قريب من 200 مليون. العصيات تلتقط النور الضعيف كي يرى الإنسان في الظلام بعد مرور حوالي 40 ثانية كما يحدث معنا حين ندخل السينما المظلمة ثم نقشع الأشياء. المعجزة والروعة التي نعجز عن تفسيرها هي مصير النبضات الضوئية الملتقطة. يقول العلم الحديث إن النبضات التي تنتقل عبر كابل عصبي يضم نصف مليون خيط يتقاطع بعد خروجه من العين في مكان التصالب البصري ثم يتوجه إلى الفص القفوي في الدماغ، وهناك يجرى تحليل المعلومات. ولكن كيف يحصل الفهم؟ ثم أين تختزن في مستودعات الذاكرة؟ وكيف تحلل الألوان؟ يقول العالمان الكنديان هنا تحدث أمور هي خارج العالم المادي. ويدعمان كلامهما بما وصل إليه الطبيب الكندي (بنفيلد) الذي قام بأبحاثه على الدماغ لمدة نصف قرن، ليصل إلى الحقيقة التي تقول إن هناك شيئاً خارج الدماغ يتحكم في الدماغ! فلا نعرف أين موقع الإرادة أو الوعي! هنا يندثر الدماغ كمادة في التراب، ولكن ما خارج الدماغ يرجع إلى أصله النفيس. في القرآن (ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) سورة الزمر.