لمدة نصف قرن كان (آلن سانديج 72 عاماً) يعيش حالة الإلحاد ويمارس طقوسه ويريد أن يثبت عبثية الكون. وقد استطاع الرجل في رحلته العلمية أن يحدِّد عمر الكون في رقم يتراوح حول 13,7 مليار سنة، وبلغ من شغف الرجل بعلم الكوسمولوجيا أن أطلق عليه زملاؤه لقب مستر كوسمولوجيا؟ والآن يعترف هذا الرجل الأشيب الذي اشتعل رأسه شيبا ووهن العظم منه بأن: «إن بحث الكون أظهر لي أن وجود المادة بحد ذاته معجزة لا يفسّرها إلّا ما هو فوق مادي». أدلى سانديج بهذا الاعتراف في المؤتمر الذي عقد في بركلي من كاليفورنيا، حول (العلم والبحث الروحي)، حيث اجتمع كوكبة علمية من عباقرة العلوم في الفيزياء والبيولوجيا. وفي هذا اللقاء لم يكن سانديج الوحيد في هذا اللقاء الذي ضم 300 عالم من جهابذة القوم، بل كان فيه رجال من نوع (شارلس تاونس Charles Townes) الذي أخذ عام 1964م جائزة نوبل على أبحاثه في تطوير فكرة الليزر من الضوء العادي؟وفي هذا المؤتمر قال تاونس: «حسب قوانين الكون المعروفة لا يمكن فهمها بدون تدخل كائن عاقل».وما فعله الين سانديج وصاحبه تاونس أو الليزر، قام به آخر من كندا وهي رحلة بيولوجية في تلافيف وقشر الدماغ، تلك التي قام بها الطبيب الكندي (وايلدر بنفيلد Wilder Penfield) الذي سمي شارع في مونتريال في كندا باسمه حين قام بعمل استغرق نصف قرن ليثبت أن الدماغ لا يزيد عن مادة، وأن الفكر لا يزيد عن إفراز كيماوي من الدماغ، وقام بإجراء تجارب مذهلة على ألف من المرضى وهم في حالة وعي كامل، بإدخال مسابر في غاية النعومة والنحافة إلى داخل جماجمهم؟ في محاولة لدراسة جغرافية الدماغ؟ ومعرفة مكان الروح والإرادة والشخصية؟ وقد وصل إلى رسم خريطة الدماغ كما فعل ماجلان في كروية الأرض، فعيّن كما عيّن الجغرافيون القارات وأنهر الملاحة والجزر النائية والممرات الحيوية وعرض المحيطات وقيعان البحار. لقد فعل بينفيلد ما يشبه ذلك في أدمغة البشر، وخرج على الناس بعد هذا العمل العلمي الملحمي في كتاب بعنوان (لغز الدماغ Mystery of Mind) يقول فيه إن الشخصية والإرادة والروح ليس مكان في قشر المخ و(كرة أرضيته) وأن الفكر ليس مادة، وأن الروح لا تلاقي الفناء كما في المادة المخية، وحين يموت الإنسان ينفك منه شيء مختلف فيرجع من حيث جاء، فأثبت الديانة من حيث أراد نقضها.