بقي المفكرون في أوروبا لفترة قريبة يظنون أن النور يخرج من العين إلى الشيء المشاهد، فيراه بذلك الإنسان، حتى أثبت (ابن الهيثم) العكس، وهو أن النور ينعكس فيدخل العين، وهنا يبهرنا القرآن في اعتباره القمر نورا، والشمس سراجا وهّاجا، في مقولة مكررة بأشكال شتى، تبيّن أن الشمس ترسل الضوء، بينما يعكس القمر الضوء. وقد أتى ابن الهيثم فيما بعد بأعاجيب عن الضوء في كتابه المناظير وطبيعته وطبيعة العين التي ترى. نحن نعرف اليوم أن العين تتركب من قطاعات خلف قطاعات، بين قرنية ومائها، ثم القزحية حاملة لون العين، ثم دوامة مائية من الإفراز والإفراغ في العين من الخارج حيث تترطب القرنية بشكل دائم بسائل مزيج من ماء وشحم، فلا يتبخر الماء، ثم عدسة خلفية يمر منها الضوء عبر كرة زجاجية ليسقط في النهاية على قعر العين، لتلتقطه شبكة عصبية في القاع مكونة من عشر طبقات فيها مخاريط وعصيات، تفسر الضوء، وتنقله عبر كابل من نصف مليون عصب إلى الدماغ في أقصى القحف الخلفي، حيث أسرار الرؤية، وقبل الوصول إلى هناك تتصالب فتتوزع الرؤية على شكل مزدوج. عالم عجيب من سوائل شتى وأجسام زجاجية، من خلاله يبصر الإنسان عبر الشبكية، وهي في قعر العين ومكوّنة من عشر طبقات، منها طبقة واحدة تأخذ إما شكل الجزر أو العصيات والمخاريط، ومنها ما ترى الضوء الضعيف والعادي دون ألوان، ومنها منطقة محدودة بثلاثة ملايين مخروط في منتصف القاع، تحدق في الألوان والنور القوي، يسمونها اللطخة، أما العصيات فتزيد على 200 مليون عصية أو جزرة. «هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه»؟.