«من هذا يتألق الحب: أن تحمي وحشةٌ وحشةً وتلمسها وتحييها». كان إحسان عبدالقدوس يسمّي الحب الأول وهما. ومن مذكرات الكاتب الكبير سمير عطا الله، صبية الحب الأول التي – كما يقول – تركت للصبا أن يتمادى في لوعته.. وكانت فتنةً لا تزول وحزنا يبقى. ويمضي قائلا: «في الصبا كل ما ليس حبيبتك يذكرك بحبك، النسمة واللحن والشعور المتفجر، يذكرك بأن الحب الأول قد انتهى كنفحة عاطرة، وسوف يبقى مجرد ترداد لكذبة أبي تمام الجميلة والممتلئة عزاء في الصبا المفقود: نقل فؤادك حيث شئت من الهوى. ويقول: في مثل زمني، كان الشاب يسمّي تخيلاته أحلاما. ما زال!. هنا رجل نشأ في بلد، أُتلفت فيه قواميس الحب منذ زمن، وصبية أشعلت حريقا، ودخلت بكامل مشمشها ترقص في المنتصف.. ربما حمامة في أقصى الهديل!. الأمس يعبر بحديث طويل يا عمّاه، ضحكتان وحلم، وقبضة من الريح، وهو يغني:»شايف البحر شو كبير، قد البحر بحبك. شايف السما شو بعيدة، بعد السما بحبك» وما بين الأمس واليوم.. جسر العمر لم يتعب من الخطوات، وهما ليس نسياناً، لكن لا يحدقان في ذاكرة الجسر، يذهبان في المواعيد الحمقاء، ولا يشمّان رائحة الأصابع العالقة. تعب حرز الرائحة في مفرق الصدر، وتعبٌ هو الوداع قبل اللقاء أحيانا!.