قلل الباحث في العلوم الشرعية محمد كدوان ، من قيمة كتاب “تغطية العالم” بعد أن نفى عنه صفة العلميّة وألحق به تهمة كتاب الانطباع الشخصي، خلال استضافة مجلس ألمع الثقافي مؤخرا مؤلف الكتاب أحمد عطيف في حوار مفتوح أداره إبراهيم شحبي. وأوضح كدوان، أثناء مداخلته، أنه يَحْمَد لعطيف جرأته في طرح هذه القضيّة في مثل هذه البيئة، وقال: لم آت لأناقش الحجاب وتغطية الوجه، بل أتيت لأقف مع الكتاب، وألوم المثقفين الذين يثيرون الطرف الآخر بفجاجة شديدة كما لمست في هذا الكتاب، مضيفاً أن الواجب علينا أن نقدر عظمة الاختلاف، كي ندرك أن القضية محل الطرح والنقاش قابلة للحوار، فكل صاحب رأي يبني قناعته على دليل ينقض به دليل الآخر، ويؤسس عليه رأيه وقناعته. وتابع ، أن المشكلة ليست في تغطية العالم، بل أن العالم يتعرّى في كلّ شيء، موضحا أن الإلزام بتغطية الوجه ليس بدعة كما أورد الكاتب، بل آراء قال بها علماء سابقون، وأن اللغة ليست أصلاً يعتمد عليه في الإثبات أو النفي، بل هي أداة فقط. وكان الكاتب والشاعر أحمد عطيف ، قد قال في المجلس ، إنه اختار أن يبحث في “غطاء الوجه” لا في ما يسمّى “الحجاب” لأنّ الحجاب لفظ لا علاقة له بلبس المرأة مطلقاً، موضحاً أن كلمة الحجاب وردت في القرآن الكريم سبع مرات بمعنى الحاجز، كما أنّ كلمة “يدنين” لم ترد بمعنى “يغطّين”، معتبراً تغطية الوجه مأزق للمرأة على الصعيد الإنساني لأنّه يخفي الهوية، وعلى الصعيد الاجتماعي، لأنه يجسد القطيعة الاجتماعية، وعلى الصعيد التنموي، لأنه يضيق الفرص المتاحة لمشاركة المرأة في التنمية، كما أنه مأزق على الصعيد الفكري، باعتبار أن ما ليس ديناً أصبح ديناً، حسب قوله. وبين عطيف ، أنّه قرأ ما ذكره الغزالي والألباني وابن باز وابن عثيمين وفقهاء المذاهب في المغرب والمشرق قديماً وحديثاً، لكنّ كتابه مختلف عن كتبهم. وقال: إنهم يصوغون آراءهم المختلفة وفق فهم كل منهم لحديث ورد في كتب الحديث، وحسب تخريج كل منهم لهذا الحديث ورجاله، فهم يستشهدون بذات الحديث، ليضعف أحدهم حديثا ضد رأيه فيقويه الطرف الآخر، وهكذا، والأحاديث والشروح القديمة يجد كل طرف فيها مبتغاه، وإحدى مشاكلنا الثقافية هي إمكانية التفسير والتفسير المضاد في ذات الوقت. وأوضح ،أن كتابه اتجه إلى القرآن الكريم وإلى اللغة العربية كمرجعين فوق الشك، نافيا أن يكون بحثه لإثبات أن رأي هذا الفريق أصح من رأي الفريق الآخر، وإنما بحث في المستندات الأولى التي استند إليها كل منهم، وهي مستندات تنسبها كتب التفسير للصحابة، مشيرا إلى أن غاية البحث هو: هل المستندات الأولى تسمح بنشوء اختلاف في حكم تغطية الوجه؟ هل هي متسقة مع الآيات القرآنية؟ هل تتحملها اللغة العربية؟ هل يقبلها العقل؟. وذكر إن كثيراً من المشايخ ، أشاعوا أن الغطاء دليل على الطهر والفضيلة، وأن الكشف دليل على الفحش والرذيلة، وهذا ضرب لمقاييس العقل في الفضيلة والرذيلة. وأشار عطيف ، إلى أنه لا يدعو إلى أن تكشف المرأة وجهها، لكنه يرى غطاء الوجه سبباً مباشراً في هضم حقوق المرأة، وهي إنسان كامل مثل الرجل، وأولها حقها في وجهها وهويتها. وقال إن فقهاء أباحوا للمرأة أن تظهر عينا واحدة فقط وكأن عينها الثانية ليس لها الحق في الرؤية بها، ثم جاء بعض الفقهاء وقال إنه يباح لها كشف عين واحدة إذا دعت الحاجة وإلا فيجب تغطية الثانية. وفي ختام حديثه، قال عطيف: إنه تم الحديث عن علتين لوجوب تغطية الوجه، الأولى للتفريق بين الإماء والحرائر، وهذه علة خاطئة ومتهاوية علميا وتاريخياً، فالآية الكريمة توصي بتوجيه المؤمنات بإدناء جلابيبهن دون أي تقسيم بين المؤمنات إلى حرائر وإماء، أما تاريخياً فإنه لايوجد اليوم حرائر وإماء، والعلة الثانية أنه علامة تميز الطاهرة من العاهرة، وهذه علة غير مقبولة، فالطهر والعهر لا علاقة لهما بغطاء الوجه أو كشفه، مضيفا: وإذا كان تغطية الوجه من أجل الأذية، فنحن نلحظ اليوم أن المرأة تتأذى رغم غطاء وجهها. الشرق | رجال ألمع