إبراهيم المسلم إن التراث الشعبي ثروة كبيرة من الآداب والقيم والعادات والتقاليد والمعارف الشعبية والثقافة المادية والفنون التشكيلية والموسيقية وهو علم يدرس الآن في كثير من الجامعات والمعاهد الأجنبية والعربية؛ لذا فإن الاهتمام به من الأولويات الملحة. في مجتمع مملكتنا الجميلة يوجد محفل جميل ألا وهو محفل فعاليات الجنادرية للتراث والثقافة الشعبية، حيث يترجم في ذلك الفكر السعودي العربي الأصيل وكل الفخير بتلك الفعاليات. التراث هو ما ينتقل من عادات وتقاليد وعلوم وآداب وفنون ونحوها من جيل إلى جيل حيث نقول «التراث الإنساني» التراث الأدبي «التراث الشعبي»، وهو يشمل كل الفنون والمأثورات الشعبية من شعر وغناء وموسيقى ومعتقدات شّعبية وقصص وحكايات وأمثال تجري على ألسنة العامة من الناس وعادات الزواج والمناسبات المختلفة وما تتضمنه من طرق موروثة في الأداء والأشكال ومن ألوان الرقص والألعاب والمهارات. يعرف التراث بمفهومه البسيط هو خلاصة ما خلَفته (ورثته) الأجيال السالفة للأجيال الحالية، التراث هو ما خلفه الأجداد لكي يكون عبرة من الماضي ونهجا يستقي منه الأبناء الدروس ليعبروا بها من الحاضر إلى المستقبل. التراث في الحضارة بمثابة الجذور في الشجرة، فكلما غاصت وتفرعت الجذور كانت الشجرة أقوى وأثبت وأقدر على مواجهة تقلبات الزمان. ومن الناحية العلمية هو علم ثقافي قائم بذاته يختص بقطاع معين من الثقافة (الثقافة التقليدية أو الشعبية) ويلقي الضوء عليها من زوايا تاريخية وجغرافية واجتماعية ونفسية. عادات الناس وتقاليدهم في التراث الشعبي وما يعبرون عنه من آراء وأفكار ومشاعر يتناقلونها جيلاً عن جيل ويتكون الجزء الأكبر من التراث الشعبي من الحكايات الشعبية مثل الأشعار والقصائد والقصص الشعبية والقصص البطولية والأساطير. يشتمل التراث الشعبي أيضاً على الفنون والحرف وأنواع الرقص واللعب واللهو والأغاني أو الحكايات الشعرية للأطفال والأمثال السائدة والألغاز والأحاجي والمفاهيم الخرافية والاحتفالات والأعياد. تستخدم مواد التراث الشعبي والحياة الشعبية في إعادة بناء الفترات التاريخية للأمم والشعوب والتي لا يوجد لها إلا شواهد ضئيلة متفرقة وتستخدم أيضا لإبراز الهوية الوطنية والقومية والكشف عن ملامحها. التراث والمأثورات التراثية بشكلها ومضمونها أصيلة إلا أن فروعها تتطور وتتوسع مع مرور الزمن وبنسب مختلفة وذلك بفعل التراكم الثقافي والحضاري وتبادل التأثر والتأثير مع الثقافات والحضارات الأخرى وعناصر التغيير والحراك في الظروف الذاتية والاجتماعية لكل مجتمع، يتنوع التراث باختلاف ما تحمله الجذور إلى الشجرة فقد تحمل إليها قُوتًها المُمَثل في الأملاح المعدنية وهو بمثابة ما دوّن من التراث فإن فقد فستصير الأمة كشجرة حبست عنها الأملاح المعدنية فستذبل حتماً شيئاً فشيئاً ثم تضمحل وقد تحمل الجذور الماء فتتناقله مكونات الشجرة ليشربوا منه واحداً تلو الآخر فيشرب كل سلف ويسلم الماء لخلفه، شأن تتوارثه الأجيال أبا عن جد من تراث شفوي كالأمثال الشعبية والحكايات الهادفة وغيرهما. لا حضارة بدون تراث لأنها ستصير حضارة دون أسس، ترتوي من تراث الآخر دون تراثها، شأنها كأن لا وجود لها، كما أنها تقتات مما تنتجه الأشجار التراثية الأخرى فما أن تحبس عنها الأشجار قوتها حتى تندثر مهما بلغت طولاً وعرضاً بل يجب أن تكون الحضارة أصيلة لا تبعية عندها مستقلة تملك جذورها العميقة.