تنتج ثقافة الخوف عن جملة من العوامل الثقافية السائدة في مجتمع ما، أو بسبب جملة من التجارب مر بها الإنسان أو مر بها آخرون حوله. و يحرص كل مستبد في دولة أو داخل أي مجتمع آخر، مثل بعض بيئات العمل، على تكريس ثقافة الخوف ليضمن صمت الآخرين وتنازلهم عن حقوقهم. وكلما ما زاد الخوف بين الأفراد، كلما زاد ظلم وجور من يعتدي على حقوقهم فيمعن في إذلالهم. وفي كثير من الحالات تكون ثقافة الخوف نتاج إعتقادات تضخم النتائج وتبالغ في حجم المخاطر، أو نتيجة غياب حس المسئولية وإثار السلامة، فيمارس الإنسان التقوقع على ذاته، لا يهتم بما يطال آخرين، ومستعد لتقبل ما يطاله بصمت. لا يدرك بعض المجتمعات والأفراد أن الثمن الذي يظلون يدفعونه بسبب ثقافة الخوف، قد يكون أحياناً أغلى بكثير من ثمن يدفعونه إذا كسروا حاجز الخوف، وواجهوا ما قد يقع عليهم من ظلم أو إعتداء على حقوقهم ومصالحهم. يقول الدكتور عبد المحسن هلال : “الظلم إذا وقع نهب لرفضه ومقاومته، وإذا صمتنا وأستكنا أصبح واقعاً”، وهذا غاية ما يريده كل فاسد أو ظالم، تكريس ثقافة الخوف من حوله، حتى تصبح ممارساته بما تتضمنه من فساد أو ظلم، واقعاً يقبل به الجميع. وفي الجانب الخفي من المشهد، تنمو مشاعر الكراهية والغضب عمودياً وأفقياً، وتتحين الفرصة للإنفجار، وقد شاهدنا تساقط الطغاة في بعض الدول العربية، بعدما ظنوا مخطئين أن ثقافة الخوف كفيلة بإستمرار الصمت والخنوع. وفي مجال العمل أستحضر جملة الأستاذ سلطان الفريدي، من مقال له منشور في صحيفة “خبر” الإلكترونية “لا تجعل الخوف يرديك قتيلا فتصبح ضحية لنظام قاس، ربما تفقد بناء عليه وظيفتك وتضيع حقوقك” .