نسمع كثيراً عن تطوير التعليم، وضج الفضاء بالآراء عن بنية التعليم في المملكة، واستجابة لهذه المطالب لمسنا التسارع الفعلي في تطوير التعليم العالي أكثر من التعليم العام، فانتقلنا من 8 جامعات لأكثر من 25 جامعة، ووجدنا تخصصات جديدة تلبي بعض الاحتياجات لسوق العمل، وفُتح باب الابتعاث ليسد النقص الداخلي وينقل لنا الخبرات والتقنيات التي سبقتنا بها الدول الأخرى. أما في التعليم العام فما زلنا نراوح في مكاننا إن لم نرجع خطوات للخلف، فالفجوة تزداد يوماً بعد آخر بين المناهج الدراسية والفكر العولمي العصري، فالطالب يجد أنه صباحاً في مدرسة من عصر متخلف كثيراً عن واقعه الفكري والتقني الذي يعيشه خارج أبوابها. وفي الجانب الآخر، فإن العملية التعليمية غير المنتظمة، التي يتم فيها توزيع الإجازات الدراسية المتكررة التي تقطع مسيرة تحصيله العلمي وتسلسله المنهجي، وتجعل الطالب يعيش وتيرة متصاعدة ومتسلسلة من التحصيل ما تلبث أن تعود لمربعها الأول، فصحيح أن الإجازات البينية لا تتجاوز الأسبوع الواحد، ولكن كثيراً من الطلاب -وربما المعلمين أيضاً- يسبقون هذا الأسبوع بأيام وبعده بأيام، إلى أن تصل الإجازة لدى بعض الطلاب إلى أكثر من 15 يوماً تنقطع بها وتيرة الفكر التحصيلي للطالب وتؤثر سلباً على تركيزه العلمي سواء بتخطيطه للإجازة أو حين العودة بالذكريات الجميلة عن الإجازة السعيدة التي قضاها، أو في أدنى المساوئ تعديل برنامج نوم الطالب المتبع في الإجازة، وهذه مشكلة يعاني منها أغلب الآباء. وفي الجانب الاقتصادي للإجازات الدراسية البينية، قدَّر العاملون في القطاع السياحي، أن المسافرين للخارج في إجازة الربيع الأخيرة أنفقوا أكثر من 18 مليار ريال، وهذا المبلغ فقط في أسبوع واحد هي مدة إجازة الربيع، وتعتبر الدول السياحية القريبة هي الوجهات المفضلة في هذا الوقت من السنة، أما العواصم الأوروبية وبقية الدول السياحية العالمية في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية التي تعتبر الأكثر تكلفة والأطول أمداً، التي تُستهدف غالباً في فصل الصيف، فباستخدامنا التقرير السابق كمقياس استرشادي سنجد أن المؤشر سيرتفع لأكثر من 50 مليار ريال سنوياً تصرف للسياحة الخارجية. وهذا الرقم يجعل أرباب السياحة العالمية يسعون جادين في استقطاب هذه المبالغ بأي طريقة كانت. ومع تسرب هذه الأرقام، نجد أن الحاجة ملحة لتخطيط فعلي يوطن هذه الأرقام التي يزداد تعدادها عاماً بعد آخر، فيكفي أن تجد العواصم القريبة منا تجدول فعالياتها وبرامجها السياحية ومهرجاناتها مع جداولنا الدراسية ومواسم إجازاتنا، كي يحققوا أعلى نسبة من الإشغال المتنوع، وقد حققت هذه المعادلة مدينة سياحية واحدة كدبي مثلاً، فجلبت عام 2012م أكثر من 1.300.000 سائح سعودي قدمت لهم كافة الخدمات السياحية والترفيهية ولجميع الفئات السنية، ولم نسمع تضجراً أو مقاطعة؛ بل وعد من السائح السعودي بالعودة مجدداً. ما نأمله لأبنائنا أن يرتفع مستوى تحصيلهم العلمي، وأن يتم التركيز على العملية التعليمية لهذا النشء، فهم عماد المستقبل، وجميعنا كآباء نبحث عن أفضل السبل ليكون أبناؤنا في قمة تقدمهم العلمي، ولينافسواً عالمياً في الابتكار والإنجاز والقيادة متسلحين بالعلم الديني والدنيوي، لنكون في مقدمة الأمم كما أرادت لنا قيادتنا، فمزيد من التخطيط الناجح والتنفيذ السليم مع الإمكانيات المتوفرة -ولله الحمد- ستوصلنا لمبتغانا بإذن الله.