الفرق بين اللقافة والنصيحة شعرة. أن تذكر المدخن بأضرار التدخين هذه نصيحة، أما أن تُزعج مَنْ اشترى كابرس بفوائد شراء الكامري، فهذه لقافة، أو تذكر لمَنْ سافر إلى ماليزيا مزايا السفر لتركيا، فهذه لقافة، أو تُخبر مَنْ اشترى جوال آي فون بما فاته من جوال بلاك بيري، فهذه لقافة. النصيحة جميلة حينما تُطلب، وثقيلة حينما تكون في كل شاردة وواردة، ادخل أي مجلس لدينا لتخرج بكومة من النصائح، ماذا تأكل؟ ماذا تشرب؟ كيف تنام؟ أي فريق تشجع؟ أين تسكن؟ أين تسافر؟ أين تعمل إذا لم يكن لديك وظيفة مع أن الخيارات قليلة، أين تدرس وماذا تدرس؟! نحن مخلوقات مشاعة. الكل ينصحنا، تكبر تصغر لا يهم. “ناصحينك ناصحينك”! النصيحة تتحول أحياناً إلى فضول سمج وحشر للأنوف فيما لا يعنيها، فمن يرفع عن كاهل الناس هذه الحشرية؟، ومتى يعرف الناس حدود الحوار وحدود الأدب، وماذا يجوز وما لا يجوز؟، المشكلة أننا نتبطح في المجالس ساعات طويلة لا نعمل شيئاً من مجلس إلى مجلس، ومن مقهى إلى مقهى و”هات يا لقافة” مغلفة بنصيحة! لكل نفس ما تشتهي...، لكنهم في كل مرة يصرون على إرشادك لما تشتري، وإلى ما تركب، وإلى أين تسافر، والمشكلة الكبرى حينما يتدخلون في دراستك، وأنت الأدرى بها لمعرفتك لقدراتك. التدخل في شأن الآخرين بشكل سافر يشكل إزعاجاً ومضايقة لهم، وإن كان أحياناً يأتي من باب المحبة، ولكنه أحياناً يأتي من باب الغيرة، فمَنْ يستطيع سد الباب هذه أو ذاك أو التفريق بينهما؟