علي اليامي أبدع الكاتب صالح الحمادي في وصفه مجتمع نجران في صحيفة «الشرق» في العدد رقم 489 صفحة 6 بتاريخ 6-4-2013، الذي جاء تحت عنوان «علمانية السعودية من نجران»، وقد استعان بالحياة الطبيعية في منطقة نجران التي يسودها الحب والوئام والاحترام. وطالب بأن تكون علمانية السعودية مستنسخة من علمانية نجران وأهلها «فثقافتهم تعمقها رموز قبائل يام وبقية الطوائف بالاعتماد على مواقف الرجولة والكرم كلغة تفاهم مع الآخر.. في نجران لا يسألون عن العرق أو الدين، وهذه العلمانية التي نريدها». ومن هنا أقول للكاتب الكبير المدرك بحسه الوطني وعقله الناضج صالح الحمادي، قلت الواقع وسطرت حقيقة المجتمع النجراني الأصيل الوطني، الذي يحفظ له التاريخ وفاءه وصدق انتمائه واحترامه الأنظمة والقوانين كونه يعيش بقانون القبيلة ومصداقية التعامل التي تدرس مجاناً داخل البيوت النجرانية كعادة يسير عليها كل فرد، فالخيانة تعدّ كارثة في حق أي عائلة نجرانية، وينبذ منها الشخص الخائن إن وُجد، وإقصاء الغير غير متوفرة عند أي رجل ينتمي لقبيلة يام وهمدان مهما كانت الظروف، والدليل من يعمل تحت إدارة أي مسؤول من هذه المنطقة يجد فن التعامل والمهنية بالبحث عن النجاح وخدمة الوطن. الإقصاء خارج منطقة نجران لا يرتبط بها مهما كانت الظروف والوطن تحت ظل القيادة منذ عهد المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز يعيش بمنظومة عمل متكاملة عنوانها الحرص على الاستقرار والعيش بكرامة، وباهتمام أبنائه المخلصين واحداً تلو الآخر، كما حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أطال الله في عمره- على أن يكون المجتمع السعودي على قلب رجل واحد، وحظيت نجران بمقولته الشهيرة التي مازالت راسخة، «إن هذه المنطقة منطقة عهد وولاء وانتماء صادق، وأبناء نجران بطوائفهم كافة يعيشون بهدوء بعيداً عن زلزال الفكر المتشدد رغم أنه يؤذيهم بفترات متقطعة، ولكنهم يتجاوزون ذلك بالثقة المرتبطة بالتاريخ والأرض والشراكة الوطنية الصادقة والعمل الدؤوب لصالح الوطن». أهل نجران ومنذ تأسيس هذا الوطن المعطاء يعيشون بتماسك وسط متغيرات فكرية وحضارية سريعة وأحداث كبيرة وهم صادقون فيما عاهدوا الله عليه باحترام الجار والإنسان بشخصه بعيداً عن لونه وعرقه ونسبه… ومن هنا تجد الرجل النجراني الملتزم دينياً يعيش بهدوء يقرأ ويشاهد التلفاز ويحضر الأفراح ويشارك الشباب أفراحهم ويكوِّن قاعدة متينة باحترام الغير وعلم المراجل وتربية أبنائه عليها بمكوناتها الكبيرة والمتعددة. ولو نظرنا للأحداث خلال السنوات الماضية لخرجنا بكثير في روعة هذا المجتمع الذي يقابل الأحداث والتطورات بالصمت والهدوء والاتزان، همه وطنه وقيادته، ورغم أن بعض الأقلام المريضة والأفواه الفارغة تهاجم هذا المجتمع في بعض الأحيان إلا أنه مجتمع نجراني يقابل جميع الإساءات بثقته الكبيرة في قدرته على السير قدماً بالعيش بكرامة وتطور بعيداً عن الانزلاق وراء أفكار تبحث عن الزعزعة وإخراج هذا المجتمع من وضعه لصالح أحداث معينة لأعداء ضد الوطن. وقد خرجت قنوات فضائية معادية للوطن واستخدمت أسلوب التفرقة والعنصرية طمعاً منها في أن يكون المجتمع النجراني طعماً لها لتقابل بالفشل كونها لا تعلم حقيقة هذا المجتمع وأصوله التاريخية وحجم انتمائه لهذا الوطن وقيادته العزيزة والكريمة. نجران وأهلها عاهدوا الله والمؤسس على أن يكونوا صادقين موالين للوطن منتمين فصدقوا فيما عاهدوا الله عليه وأنتجوا الثقافة التاريخية المرتبطة باحترام الغير والتأني في اتخاذ القرار. وفي هذه المنطقة يعيش الجميع بمستوى واحد وقلب واحد كونها منطقة تختصر كل شيء… وفيها يستطيع أن يعيش أي إنسان بحرية تامة دون تدخلات أو مضايقات.. فالولاء والصدق ومواجهة أعباء الحياة منهج يومي للفرد النجراني. ومنذ قدوم بشير الخير صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز إلى منطقة نجران والترابط يزداد قوة، فقد عرف كيف يقابل إنتاجهم ووطنيتهم بحسه الوطني الصادق لتكمل المنطقة مسيرتها لتعيش بهدوء أكبر وتطور ونهضة في جميع المجالات، ولم يقل سموه كلماته المعهودة والمشهورة -»أهالي نجران صادقون ومسؤولون تجاه دينهم ووطنهم وقيادتهم»- من فراغ، بل من تجربة ورؤية لمسها سموه فطورها واحتضن أهالي المنطقة كونهم يستحقون ذلك. أخي صالح الحمادي، هذه نجران وأهلها.. هذه نجران التاريخ.. نجران الحوار، نجران النهضة التي تحتاج لأقلام صادقة لترجمة الحياة الطبيعية لرؤية المجتمع، ليعلم الجميع مَن هم أهالي نجران وكيف يقابلون الآخر ويحترمون خصوصيته. أخي صالح، نجران مدرسة متحركة يمكن للإنسان أن يستفيد منها ومن أهلها متى كانت نيته صافية تجاه هذا المجتمع النبيل الصادق الكريم بتاريخه، العفيف الوطني الشجاع.