تمثل الاتفاقية التي أبرمت أمس بين اليابان ودول مجلس التعاون الخليجي لتغطية الاحتياجات النفطية اليابانية في حال فرض عقوبات على النفط الإيراني، دليلا جديدا على الدور الهادئ والفاعل الذي تلعبه دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، في دعم الاستقرار العالمي سياسيا واقتصاديا. فدول الخليج تملك سلعة تمثل عصبا لا غنى عنه في دورة الاقتصاد العالمي ورفاهية الشعوب، فالنفط يعد المصدر الأول للطاقة عالميا، يليه الغاز الذي تسيطر دول المنطقة أيضا على جزء لا يستهان به من مخزونه في باطن الأرض. واللافت أن دول الخليج العربي لم تقم باستغلال هذا المورد الحيوي إلا للحفاظ على استقرار الأسواق والدفع بالاقتصاد العالمي قدما، على عكس غيرها ممن يستغل الثروة النفطية لحصد مكاسب سياسية قريبة أو بعيدة. ولعل هذا الموقف من دول الخليج يمثل سياسة ثابتة في دعم الاستقرار سواء في المنطقة أو العالم، وهي سياسة تتضح من مواقف دول الخليج سواء في المحافل الدولية أو الإقليمية، حيث وقفت دائما ضد الحروب وافتعال الأزمات، وسَعَت بقوة نحو ترسيخ الحوار والتفاهم كوسيلة أولى لإدارة العلاقات بين الدول. وهذا الموقف من دول الخليج يستلزم ردة فعل موازية من دول العالم للتعاون مع دول الخليج في حفظ الاستقرار في المنطقة من مغامرات تخطط لها إيران سواء برغبة حقيقية في تنفيذها أو لمجرد التهديد وإثارة التوتر. فالحديث الإيراني عن إغلاق مضيق هرمز لا يمثل مشكلة لدول الخليج وحسب، بل هو مشكلة لجميع دول العالم التي لن تحتمل تبعات تنفيذ طهران لتهديدها سواء على الجانبين السياسي أو الاقتصادي، وهو يستلزم من دول العالم جميعها الوقوف صفا ضد هذا السلوك الإيراني الذي يريد فرض رؤية متطرفة وتصرفات خارجة عن القانون الدولي على العالم وعدم تحمل تبعات ذلك. وإن أرادت طهران حقا الحفاظ على علاقات تجارية وسياسية طبيعية مع بقية العالم، فعليها أن تبدأ بالتصرف بشكل طبيعي مع جيرانها أولا، الذين أثبتوا مرة تلو الأخرى رغبتهم الشديدة في استقرار المنطقة وعملوا دائما على تجنب أسباب التوتر سواء على المستوى المحلي أو العالمي.