لم تقتصر الانتقادات التي وجهها العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، في حديثه مع مجلةٍ أمريكية، على الرئيسين المصري والسوري ورئيس الوزراء التركي، وإنما امتدت لتطال شيوخ العشائر الأردنية ورؤساء الحكومات السابقين في عمَّان ودائرة المخابرات وإخوة الملك والأمراء وجماعة الإخوان المسلمين، فيما نفى الديوان الملكي الأردني هذه الأوصاف في بيانٍ صدر عنه أمس. وفي حواره، وصف العاهل الأردني الرئيس المصري محمد مرسي ب «أنه ليس لديه أي عمق»، فيما قال عن رئيس الحكومة التركية، رجب طيب أردوغان، إنه «متسلط ينظر للديمقراطية على أنها رحلة باص تنتهي بمجرد وصوله إلى المحطة التالية»، أما بشار الأسد فوصفه الملك الأردني ب «قروي ساذج لا يعرف ما معنى اضطراب طيران الرحلات الطويلة»، مذكِّراً بأن الأسد سأله هو وملك المغرب في إحدى المناسبات عن معنى اضطراب الطيران (jet lag). وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت في عددها الصادر أمس الثلاثاء نقلاً عن مجلة «ذي أتلانتك» مقتطفات من مقابلة أفاد صحفي أمريكي متخصص في شؤون الشرق الأوسط بأنه أجراها مع الملك عبدالله الثاني. وبحسب المقابلة، قال الملك عبدالله الثاني عن نفسه «إنه قبل التتويج ملكاً كان مثل (فورست جامب) في الخلفية، بينما كان والده يحكم»، في إشارة إلى بساطته وعدم معرفته، و(فورست جامب) هو فيلم شهير لتوم هانكس. وتنبأ الملك بزوال الملكية بصيغتها الحالية في الأردن خلال خمسين عاماً، ووجه نقداً لاذعاً لأشقائه الأمراء قائلاً: «لا يدركون التغييرات التي تجري، فهم يتصرفون كأمراء، ولكن أبناء عمومتي أمراء أكثر من إخوتي، وقلت لهم إن الشعب لن يتحمل الانغماس في الإسراف أو الفساد». ولم تسلم دائرة الأمن السياسي للنظام، وهي دائرة المخابرات العامة، من نقد الملك، حيث قال عنها: «يتقدمون خطوتين ويتراجعون خطوة، هم سبب عدم قيامي بالإصلاح، وقد تآمروا مع المحافظين لتعطيل جهودي في زيادة تمثيل الأردنيين من أصل فلسطيني». ووصف الملك جماعة الإخوان المسلمين بقوله: «هؤلاء ذئاب على شكل حملان، ومنعهم من الوصول إلى السلطة هو معركتنا الحقيقية». وتطرق الملك إلى الزعامات التقليدية للعشائر الأردنية، واصفاً زعماءها بأنهم «ديناصورات قديمة» لا ينتخبون إلا ابن قبيلتهم. إلى ذلك، صرح مصدر مطلع في الديوان الملكي بأن المقال الذي نشرته مجلة «ذي أتلانتك» الأمريكية حول الملك وقامت بعض وسائل الإعلام الدولية والعربية والمحلية بتداوله أمس، احتوى عديداً من المغالطات، حيث تم إخراج الأمور من سياقها الصحيح. وذكر المصدر أن المقال احتوى تحليلات عكست وجهة نظر الكاتب ومعلومات نسبها إلى الملك بشكل غير دقيق وغير أمين. وأوضح المصدر أن لقاء الملك مع كاتب المقال جاء في سياق عرض الملك لرؤيته الإصلاحية الشاملة والحرص على عدم إضاعة الفرص المتاحة لتحقيق نتائج ملموسة للمضي قدماً في الأردن على طريق التطور والتحديث، ومن أجل الاستجابة لتطلعات الأردنيين في مستقبل أفضل تسود فيه قيم العدالة والتسامح وتكافؤ الفرص والمحاسبة والمسؤولية. وشدد المصدر على اعتزاز الملك بالأردنيين جميعاً وبجميع أجهزة الدولة ومؤسساتها وبصدق انتمائهم ووعيهم بالتحديات التي تواجه الوطن في الداخل والخارج. واعتبر المصدر أن التوصيفات التي لجأ إليها الكاتب في مقاله تم إسقاطها بطريقة منافية للحقيقة والواقع، مؤكداً إيمان الملك بأن متانة وتماسك الجبهة الداخلية هو الأساس في المضي قدماً في مسيرة البناء والتطوير، ومشيراً إلى أن الملك يقدر عالياً دور شيوخ ووجهاء وشباب عشائر الوطن في مدنه وقراه وبواديه ومخيماته في بناء الأردن والذود عن مكتسباته ومنجزاته. وفيما يتعلق بما ورد في المقال حول العلاقات الأردنية مع قادة بعض الدول، بيَّن المصدر أن العلاقات الأردنية مع هذه الدول علاقات مميزة يسودها الاحترام والثقة المتبادلة، مؤكداً الحرص على تطويرها في جميع المجالات، من خلال التنسيق الدائم مع قادتها ورؤسائها، الذين يكنُّ لهم الملك كل الاحترام والتقدير. ولفت المصدر في هذا الصدد إلى زيارة الملك الناجحة مؤخراً إلى تركيا والتنسيق والتشاور المستمر مع القيادة المصرية حول مختلف القضايا العربية والإقليمية. وقال المصدر إن الأردن، بوعي شعبه وحكمة قيادته، سيمضي قدماً في حماية وحدته الوطنية، وترسيخ إصلاحاته الشاملة نحو غد واعد لجميع أبنائه وبناته. ونبَّه المصدر إلى أهمية توخي الدقة في التمييز بين ما هو حديث للملك وما هو تحليل وآراء خاصة بالكاتب.