تونس – علي القربوسي الهمامي: «النهضة» ستعوِّض سجناءها على حساب أولويات البلاد احتل قرابة الألف شخص ساحة القصبة في العاصمة تونس أمس للمطالبة بتفعيل مرسوم العفو التشريعي العام ورد الاعتبار للسجناء السياسيين في العهود السابقة والمحسوبين في أغلبهم على حركة النهضة الإسلامية. وطالب المعتصمون، الذين مر على اعتصامهم أمام مقر الحكومة في تونس العاصمة أكثر من شهر، بتفعيل فوري لمرسوم العفو العام الذي يعد أول قانون يصدر بعد ثورة 14 يناير 2011. وفي بيانٍ لهم، دعا المعتصمون الحكومة إلى الإيفاء بتعهداتها في الاستجابة لمطالب المعتصمين من أجل تفعيل المرسوم في كامل نقاطه وذلك في أسرع الأوقات. وقال الناطق الرسمي باسم المعتصمين، فتحي الماجري، في تصريحاتٍ ل «الشرق»، «إننا نؤكد على شرعية مطلبنا في تفعيل مرسوم العفو التشريعي العام بعيداً عن كل التجاذبات السياسية». وكان عشرات الآلاف من الناشطين التونسيين من مختلف التيارات تعرضوا للإعدام والاغتيال والسجن والتعذيب، وكان ما يزيد على 90 % من ذلك القمع سُلِّطَ على الإسلاميين، خصوصاً أبناء وقيادات حركة النهضة الحاكمة حالياً. وتسود الساحة التونسية حالة من الجدل حول مفهوم العفو العام وأهمية تعويض الضحايا الذين عاشوا ما بات يُعرف في تونس ب «سنوات الجمر». وكان رئيس الوزراء الجديد، علي العريض، تعهَّد ب «رد الحقوق إلى مَن عانوا من سنوات الجمر»، مرجعاً تأخر إنجاز هذا الملف إلى دخول التجاذبات السياسية على الخط. حمة الهمامي من جانبه، يرى الأمين العام للجبهة الشعبية المعارضة، حمة الهمامي، أنَّ حركة النهضة تستغل وجودها في الحكم لتسوية أوضاع مناضليها الذين سُجِنُوا في العهود السابقة على حساب أولويات البلاد التي تشكو من انكماش اقتصادي وشحٍّ في الموارد المالية، ومن ارتفاع في نِسَب البطالة والفقر وغلاء المعيشة، على حد قوله. ويذكِّر الهمامي بتصريحٍ للنائب عن النهضة في المجلس التأسيسي، الحبيب خذر، قال فيه «إنَّ مناضلي النهضة هم أكثر من شُرِّدوا وانتُهِكَت أعراضهم وتشتتت عائلاتهم، والآن وحركتنا في الحكم، لا يمكن لها إلا أن تعوِّضَ النذر القليل من عذاب الإخوة والأخوات الذين جاهدوا في سبيل نصرة الإسلام وإعلاء راية الحق». في المقابل، يقول القيادي في النهضة، عامر العريّض، إنَّ التعويض لن يكون على النضال ولا على التضحيات بل على الأضرار التي لحقت بآلاف التونسيين بسبب انتماءاتهم الأيديولوجية والسياسية. كما يعتبر المنسق العام للنهضة، عبدالحميد الجلاصي، أنَّ التعويض للسجناء السياسيين هو موضوع ذو صبغة أخلاقية وسياسية، وبيَّن أنه رد اعتبار معنوي ومحاولة لجبر الضرر. أما عضو حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، سمير بن عمر، فيساند مبدأ التعويض للسجناء السياسيين بقوله إن «العدالة الانتقالية تفترض المحاسبة والتعويض». بدوره، يعارض السجين السياسي اليساري السابق، صالح الزغيدي، التعويض للسجناء باستثناء الحالات الاجتماعية التي تستوجب التعويض، ويعتبر أنَّ التعويض يكون بمعاقبة القضاة الذين أصدروا أحكاماً ظالمة ضد السجناء ومَن ارتكبوا عمليات التعذيب وألا تتكرر هذه الممارسات.