تُعدُّ رياضة سباقات الهجن من الرياضات التي يمكن القول عنها إنها تاريخية، وتكاد تكون من الرياضات النادرة المستمرة إلى عصرنا الحالي إضافة إلى سباقات الخيل، إلا أنَّ الحديث عن الإبل تحديداً حديث يحدوه الشجون لمكانة الإبل بالجزيرة العربية قاطبةً، وما صحبها من تطوير وتأصيل وحفظ سلالات، حتى أصبحت حاضرةً في معظم الكرنفالات التي تُقام في كل مناطق الخليج التي توجد فيها الإبل. لا تكاد تخلو منطقة في الوطن الغالي من وجود أكثر من مضمار للهجن – التي ما زالت في بداية طريق التطوير بعد إنشاء اللجنة السعودية لرياضة سباقات الهجن بالرئاسة العامة لرعاية الشباب- وقد مرَّت الهجن بمراحلة طويلة من التطوير البطيء على مدى أكثر من 40 عام، وهذا البطء بسبب الجهود الفردية التي يقوم بها محبو ومُلاك هذه الرياضة لعدم وجود جهة رسمية تُعنى بها، وأن تلك الجهود السابقة لو احتضنت من قِبَل جهة رسمية لأصبحت الهجن بالمملكة متطورة، وفي مصاف الدول التي اعتنت بهذه الرياضة وجعلت منها نشاطاً سياحياً ثقافياً واقتصادياً، إذ إنَّ خبرة مُلاك الهجن المتوارثة وتأصيل الإنتاج وتطويرها أتى بثمرة وجود هجن المملكة في ميادين الخليج عامة. رياضة سباقات الهجن يُنظر إليها من البعض على أنها رياضة لا فائدة منها، وأنها مضيعة وقت وما شابه هذا الوصف، إلا أنَّ الواقع يخالف ذلك تماماً، حيث أنَّ معظم المهرجانات السياحية تكون الهجن حاضرة فيها كعنصر أساس، وتستقطب وقت هذه الاحتفالات بجهود شخصية ويصحب ذلك ما يصحب، والأهم وهو محور الحديث؛ هو وجود الهجن كرافد اقتصادي كبير متى ما تم تنظيمُه وتهيئتُه وتطويرُه والعناية به، فعدد كبير من ملاك الهجن بالمملكة هم من متوسطي أو قليلي الدخل، ولكن عندما يكون لديه شيء مميز من هذه الهجن ويحقق السبق والإنجاز في أي سباق تكون سلعته تحت أنظار الملاك القادرين على شراء واقتناء هذه النوعية ويتم البيع بمبالغ مُغرية في كثير من الأوقات، والأهم هو عند انتقال ملكية هذا الهجن إلى أحد الملاك من دول الخليج، فتكون قيمة السلعة مكتسبة لاقتصاد الوطن، ويتم تصريفها واستثمارها في الوطن، وذلك يتم رغم بدائية ميادين المملكة، ومتى ما تم الالتفات للهجن والعناية بها كإرث تاريخي يجب العناية به، وأنه بالإمكان تعزيزه ليكون رافداً اقتصادياً استثمارياً، لتغيرت النظرة للهجن تغيُّراً جذرياً، إذ إن البعض يربط بينها وبين ما يقام من مزاينات للإبل وشتان بين هذه وتلك في كل شيء، إضافة إلى أنها تلعب دوراً كبيراً في فراغ الشباب متى ما نالت من التنظيم والعناية ما يضمن وجودهم. والأمل في قادم الأيام بعد إنشاء اللجنة السعودية للهجن، التي نأمل أن تنمو سريعاً لتصبح نادياً مستقلاً للهجن، وآمالنا في ولاة الأمر كبيرة جداً في تحريك هذه الرياضة والعناية بها.