قال لي طبيب العصبية وهو يرتج رعبا تصور أربع سنوات من مسك جواز السفر، والمنع من السفر وتتابع لجان التحقيق والرجل بذل قصارى جهده لإنقاذ الطفل في حالة صعبة ولكنه فشل فدخل في ظروف نفسية كاد أن يصل إلى حافة الجنون! وحين تسلم جواز سفره يمم شطر المطار فطار ولم يعقب. نحن أخي الفاضل نعيش في حالة من الرعب في العمل. قال لي طبيب آخر حين ازرق الطفل تحت التخدير ازرقت الطبيبة معه وكادت أن تشهق قالت غدا تبدأ إجازتي وقد يحجزوا جواز سفري ويمنعوني من السفر. إنها أجواء غير صحية كما نرى. ولكن بالمقابل قال لي ابن مريضة أخي الفاضل البارحة قالوا لي أمك تنزف ولم يأت طبيب بعد حتى هذا الصباح. إنها أيضا ظروف من التوجس والخوف مع دخول المستشفى أن لا يخرج منها. نحن هنا أمام جسور مكسرة بين المريض والطبيب. الطبيب يخاف مع كل اختلاط (مضاعفات = Complication) فليس من طب وممارسة له بدون مضاعفات في الممارسة اللهم إلا في حالتين؛ أن لا يمارس أو يكون ما فوق بشري. ولذا فقد تقرر في كتب الطب أن هناك قدرا يسيرا من الاختلاطات = المضاعفات تحدث مع كل صنف من العمليات. النزف في الأوعية تسرب السوائل في خياطة الأمعاء عدم اندمال الكسور في العظام وهكذا. كما أن الصلة الطيبة والحرص الكبير والجهد الواسع في الشرح وتحمل المريض وأهله أنهم ضيوف في المستشفى يجب أن يخرجوا بأفضل النتائج وأن خلفهم أهل وأولاد وزوجات وأحفاد كلهم يرغب أن يراهم قد دخلوا المستشفى لأمر طارئ ورجعوا سالمين معافيين.في قناعتي أن جلوس الطبيب مع المريض وأهله في غاية الأهمية فيشرح لهم بدون ملل. بل اقترح أنا على وزارة الصحة طبع كتيبات خاصة مع الصور الملونة عن كل علة ومرض وجراحة مع أقراص ليزرية تشرح للمريض وباللغة التي يفهمها نوع العملية ومشاكلها والاختلاطات على نحو لا يفزع بل يطمئن من خلال المعلومة الهادئة الصادقة.لقد قامت وزارة الصحة في المملكة بنقلة نوعية في العلاج وبناء المستشفيات وعليها أن تفعل نفس الشيء في بث روح الارتياح والثقة بين المريض والجهاز الطبي بكل وسيلة ممكنة. أعتقد أن موضوع التأمين الطبي والتعليم الطبي المستمر وتصنيف وتسجيل الأطباء في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية قد ساهم نوعا ما في تذليل هذه العقبة، ولكن طريق البناء الحضاري طويل والعبرة ليست -عفوا- في أبنية نشيدها بل في وسط من روح الحضارة ننميه كما في استنبات الزهور والرياحين بكل شروط النماء من سقاية ونور وسماد.