وقّعت دولتا السودان وجنوب السودان في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا اتفاق تنفيذ مصفوفة البروتوكولات الأمنية بينهما، واتفقتا على تحديد الفترة ما بين 10 و14 مارس الجاري موعداً لبدء صدور الأوامر الأوَّلية من قيادة البلدين بانسحاب القوات من المنطقة منزوعة السلاح على أن يكتمل الانسحاب في ال 26 من نفس الشهر. وقال مراقبون إن اتفاق وزير الدفاع السوداني، عبدالرحيم محمد حسين، ونظيره الجنوبي، جون كونق، نصّ على بداية الانسحاب الفعلي لقوات البلدين المسلحة في الفترة من 14 إلى 21 مارس الجاري، كما نص على مراقبة قائد البعثة الأممية في منطقة أبيي لعملية انسحاب الجيشين بعد 33 يوماً من بداية صدور الأوامر الأولية في 10 مارس. في سياقٍ متصل، أعلن الوسيط الإفريقي في المفاوضات بين الدولتين، ثامبو أمبيكي، أن الاتفاق حدد ال 17 من الشهر المقبل موعداً لاجتماع الآلية السياسية والعسكرية دون تحديد منطقة محددة للمفاوضات، وبيَّن أمبيكي، في تصريحات صحفية، أن مقترح وفد الحكومة السودانية حدد مدينة كادقلي للمفاوضات. إلى ذلك، رحَّب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بالاتفاق المبرم بين السودان والجنوب، واعتبر أنه يمهِّد الطريق نحو تحقيق السلام بين البلدين اللذين يشهدان نزاعاً على النفط والحدود والأمن منذ استقلال الجنوب في يوليو 2011. وذكر مكتب المتحدِّث باسم الأممالمتحدة في بيانٍ أن «الأمين العام يرحب بالاتفاق المبرم الجمعة وينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح على الحدود وإرسال آلية التحقق والمراقبة وتفعيل آليات أمنية أخرى». وأوضح الأمين العام أنه لا يتعيّن وجود شروط تعوق التطبيق الفوري لباقي الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين في سبتمبر الماضي. وأبدى استعداد الأممالمتحدة لتقديم الدعم لتطبيق الاتفاق ومساعدة طرفي النزاع على تطبيق باقي الاتفاقيات المبرمة بينهما. لكن رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني السوداني، فاروق أبوعيسى، رأى أن الاتفاق لا جديد فيه، وعزا ذلك إلى ما سماه عدم جدية الطرفين في تنفيذ اتفاق التعاون الذي وقعه رئيسا البلدين عمر البشير وسلفاكير ميارديت في سبتمبر الماضي، مشيراً إلى أن أزمة الثقة بين الخرطوم وجوبا تحول دون حل القضايا العالقة بين الدولتين. واتهم أبوعيسى، في تصريحٍ ل «الشرق»، من وصفهم بأعداء السلام في البلدين بعرقلة العلاقات المشتركة والاستثمار في الفتن، ورهَنَ عودة العلاقات الطبيعية بين السودان ودولة الجنوب بإشراك كافة المكونات السياسية في وضع الاتفاق المشترك وتغليب مصلحة الشعبين على المنفعة الشخصية، وتوقع أن يظل الاتفاق الأخير الذي وقعته الخرطوم وجوبا حبيس الأدراج. في المقابل، حمّل المحلل السياسي، الدكتور عمر عبدالعزيز، مسؤولية فشل الاتفاقات لحكومة دولة الجنوب، وقال إنها تسعى إلى عرقلة أي مجهودات تصل بالبلدين إلى اتفاق ينهي دوامة الخلاف. وأرجع عبدالعزيز موقف حكومة الجنوب إلى ما سمّاه تورطها مع مجموعة من دول الإقليم في زعزعة الاستقرار فى السودان والسعي للإطاحة بالحكومة الحالية. وتابع «دولة الجنوب تعول على الجبهة الثورية وقطاع الشمال في الحركة الشعبية لتحرير السودان بالتنسيق مع بعض المعارضة السودانية فى الداخل»، معتبراً، في تصريحٍ ل «الشرق»، أن الخرطوم قدمت كل ما لديها بشأن الاتفاق مع دولة الجنوب والتوصل إلى حلول بين البلدين.