يوسف المحيميد سيفترقُ:»الحكواتيون/ السعوديون» إلى ألفٍ وخمسمائةِ:»حَكواتيٍّ» كلهم في تبابٍ، وإلى اليبابِ سيُساقون زُمُرَا، واحدهم إثر الآخر، لا يلونَ على شيءٍ ، شاخصةً أبصارهم تِلقاءَ مصيرٍ محكومٍ بأبوابٍ صدِئةٍ، تلك التي إذا ما غُلّقت دونهم ذَبُلوا فاستَحالوا هباءً منثورا. إلا: «حكواتياً» واحداً رَضيَ بأنْ يكونَ مع الخوالفِ، وذلك بِمَا كانَ يمتلكُهُ مِن خلطةٍ سريّةٍ خاصةٍ بهِ، ولِلأمانةِ فليسَ -لتلك الخلطةِ- مِن أدنى علاقةٍ بأدواتِ سردِهِ «المحكّي» منذ أن كانَ يافعاً، يشتكي حينهَا من عَرجٍ قد ألمَّ بقدمِيهِ الحافيتينِ يومَ أنْ أحرقتهما: «ظهيرةُ» ما كانَ مِن أحدٍ يجرؤ إذ ذاكَ أنْ يمشي في أزقتِها سِواهُ. وبسببٍ من هذهِ الخلطةِ لا تفتأ تراهُ فائزاً -أو مرشّحَاً- حيثما يممت وجهكَ شطرَ أيّ احتفاليةٍ تُقامُ هنا، أو أنْ يُعلنَ عن تدشِينِهَا هَهُناك، وما مِن لجنةٍ إلا وهو قاطنٌ في وسطِها (يسنتِر)! ولقد ألفيناهُ وحدَهُ: طائفةً منصورةً ظافراً بالفوز في كلِّ حينٍ وآن، وفرقةً -بلحالهُ- ناجيةً من أيّ تهميشٍ أو حتى نسيان.. إنهُ البطلُ: (يوسف المحيميد) ذلك الذي طَفِقَ يستعيرُ له مِن كلِّ حمامةٍ جناحاً ما جعلتهُ يطيرُ مِن :»بريدة» إلى كلّ أقاصي الدّنيا، وليس َآخرها :»نيويورك». حمام ياللى تزعج الصوت بلحون نوحك طرب منتا بمثلى معنا يالورق نوحك زادنى هم وشطون أرجو خفف لوعتى لا تغنا أنته مريح وبين غدران وغصون وأنا عليل وخاطرى ما تهنا مايجتمع يالورق سالى ومحزون كف النياح جزت بالخير عنا وعلى أيّةِ حالٍ، فسيظلّ مدهشاً هذا: «الدلفين» في تنزّههِ حينما يقبضُ جناحيهِ ويبسطُهما فيطيرُ ويطيرُ، مع أنّه لا يملكُ غير تلك:»القارورةِ» المعبأةِ من عَرَقِ :»الموتى» مِمّن لم يحفل للغطهمِ أحدٌ سوى يوسف هذا الذي -لمرّةٍ ثانيةٍ- ما كانَ لهُ أنْ يكترثَ ل:»فخاخ الرائحةِ» وهي التي كانَ من شأنِها رسم ملامحِ حضورِه المُكثّفِ، إنّه الحضورُ الطّاغي الاستثنائي ُّ الذي يأبى هذه المرة أن يأتي إلا بوصفِهِ :»فخّاً» قد علقت رائحتُه بالأمكنةِ اللّينةِ المُترجرجةِ التي يغشاها: «المحيميد» وبصورةٍ دائمةٍ ولافتةٍ لأي أحدٍ ألقى السمع وهو بصير، وبرهانُ ذلك معرض الكتابِ لهذا العام، إذ جاءَ شاهد إثباتٍ بيّنٍ على ما كتبتُ، كما أنّه هو مَن قد حرّضني على أن أحوّل هذا الغمغماتِ بالإنابةِ عن آخرينَ إلى كلماتٍ صارخةٍ، ابتغاء أن تُقرأَ في ظلِّ معرضٍ لا جديد في تظاهراتِهِ غير التوكيدِ على تنمية أرصدةِ تكثيفِ:»يوسف» حضوراً. فيما يستكين الآخرونَ ممن هم أكثر كفاءةَ منه إلى وضعيةِ:»الغياب» في سردابٍ لا يُسرُّ من رآه. ما بقيَ غير أنْ أوقظَ سؤالاً، قد أخذتهُ السِّنةُ والنوم إذ ظلّ غافياً في دواخلكم، ولهُ في أفواهكم أكثر من صيغةٍ، فلعلّي أن أوجزهُ بالتالي: أينَ إخوةُ «يوسف»؟ ما أخشاهُ أن يكونَ الذئبُ فعلا قد أكلهم!