«الصمت.. صديقٌ لا يخون أبداً» عبارةٌ قالها كونفوشيوس الصيني في القرن السادس قبل الميلاد، من تجربتي؛ أؤكدُ أنها صائبةٌ 100%، ولا مجال الآن للندم على ما فات، فمحنُ الحياة تعلّم المرء فن الصمت كما قال سينيكا. يتحدّثُ المرء ويكتبُ شعوراً منه بمسؤوليته الكاملة تجاه ما حوله، بغضِّ النظرِ عن صواب أو خطأ ما خطَّته يداه، أو صرّح به لسانه، فهو في أوّل الأمر وآخره لا يعدو كونه مجرد مجتهد، قد يحالفه الصواب، وقد يقع لأي سببٍ في الخطأ! وجُلُّ ما يسعى إليه أن تسير الأمور إنْ اعتراها انحرافٌ عن هدفها القويم لتعود لغايتها السامية. نعم، هناك من تحتمل غاياته غير المعلنة مآرب أخرى غير تلك الغاية، لكن لا شأن لي بها هنا في هذا المقام، ولا حتى في مقامٍ غيره.. أنْ تفتح عينيك كل صباحٍ على أمرٍ ما، لتجد أنّه زاد اعوجاجاً عن صباح أمس، ويتأكّد لديك أن صباح الغد ستراه ماضٍ لاعوجاجٍ أكبر، رغم أنّك ما فتئت تجاهد من أجل إصلاحه ما استطعتْ؛ فهذا مؤدّاهُ أن هذا الاعوجاج أكثر مناعةً من حجّتك وبلاغتك، ومن كل ما آتاك الله من قوةٍ وعزم، فأرحْ قلبك حينها، وأغمض عينيك، فإنَّ لله حكمةً أعلى وأوسع من أن تدركها، وأنَّ الصمتَ جديرٌ بأن تكون صديقه، ويكون هو صديقك..