يُحكى أن ملكاً كان يحكم مملكة كبيرة، وأراد هذا الملك يوماً القيام برحلة برية طويلة لتفقد بعض أراضي مملكته، وخلال عودته وجد أن أقدامه قد تورمت بسبب المشي في الطرق الوعرة، فأصدر أمراً يقضي بتغطية جميع شوارع المدينة بالجلد بناءً على طلب بعض مستشاريه، ولكن أحدهم أشار عليه بعمل قطعة جلد صغيرة توضع تحت قدمي الملك، فأعجب برأيه لما فيه من اختصار للوقت والمال، فكانت بداية عمل الأحذية. من خلال تلك الرؤية تلاحظ الفرق بين مستشار ومستشار لأن ما كل مَنْ ليسوا معك بالرأي هم عليك، وما كل مَنْ حولك يميلون إليك، وما كل مَنْ عرف الدواء عرف الداء، وما كل مستشار يستشار، وكل مسؤول يحتاج إلى مسؤول، فمَنْ المسؤول عن المسؤول؟! إذا كان الكرسي أكبر من صاحبه، وصاحبه أصلاً لم يكن له أهلاً، فهذا الذي ستراه فاسداً متكبراً وجاهلاً مغروراً يسعى لمصالحه ويضحي بمبادئه. وهنا ينقسم الفساد الوظيفي إلى قسمين: الأول: فساد أكبر يثاب فاعله. والآخر: فساد أصغر يعاقب تاركه. والحقيقة أن هناك مسؤولين حسهم الوطني وكفاءتهم العلمية، وقبل ذلك خوفهم من الله، يسعون لبناء الوطن وخدمة المواطن. كم قرأنا، وكم سمعنا، وكم رأينا ونحن في زمن التقنيات!. ولكننا تعبنا من أصحاب التصاريح العارية من الصحة، ومللنا من تعداد الإنجازات التي لم تر النور، وكرهنا كل مَنْ يسعى مهرولاً أمام الكاميرات وخلف الميكرفونات ليتحدث بما لا يفعله. إذاً: المنافق عند المسؤول ربما له عشرة أرجل ومائة أذن وألف لسان ومليون وجه. المسؤول الكفء يعطي وقته وجهده لمنصبه، ويسعى إلى الأساليب الإيجابية كافة لخدمة وطنه ومواطنيه. والمسؤول غير الكفء يعطي وقته وجهده لمصالحه، ويسعى إلى الأساليب السلبية كافة لحفظ كرسيه ومنصبه. السطر الأخير: يعتقد أفلاطون أن المرء إذا بلغ من الدنيا فوق مقداره تنكرت أخلاقه للناس.