نحن نأكل بكميات كبيرة تفوق ما تحتاجه أجسادنا بكثير، حينما نذهب (للكشتة) نأكل، حينما نقعد نأكل، حينما نلتقي نأكل، حينما نذهب للعزاء نأكل، حينما نذهب للسلام على مريض نأكل .. فهذا شيء من شيكولاته، وشيء من قهوة، وقليل من التمر، حتى لو كنت خلصت للتوّ من وجبة غذاء دسمة، لا أحد يأكل عند زيارته للمرضى إلا نحن. نحن نموت وتعيش الوجاهة، نساؤنا لم تعد تعجبهن كل حلويات الدنيا، فصرن يبحثن عن حلويات من تحت الأرض. نحن في الوليمة الواحدة نتناول ثلاث وجبات، فهناك (حلويات) قبل الأكل، ثم الأكل، ثم (حلويات) بعد الأكل، وكل واحدة منها وجبة وحدها، وليس هناك أثقل من إدخال الطعام على الطعام، كما وصفه الإمام الشافعي بأنه أحد المهلكات؛ حيث يتحول الأكل الزائد إلى سموم في الجسم تزيد من عصبيتنا، وتسهم في في سوء تعاملنا مع بعضنا البعض في الشوارع، في المجالس، في المكاتب، في كل مكان، وفي الأثر “ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه”، كلنا يعي ذلك وكلنا يمشي ويأكل، خصوصاً إذا ما اعتدنا أن رد الأكل للشبعان من باب قلة الذوق، وهذه كارثة كبرى في باب المجاملات السعودي. شوارعنا تحولت كلها إلى مطاعم، غربي .. شرقي .. وطني .. أجنبي .. هندي.. شامي .. صيني .. حتى صرنا ننهل من التراث الغذائي، ونُخرج أكلات ميتة لم يعد أحد يطبخها. وتشاهد هذه الطوابير أمام المطاعم فتعتقد أن الناس إما للتوّ اكتشفوا الأكل، أو أنهم لم يأكلوا أبداً، طقوس طويلة عريضة من الأكل للأكل، مع أنه من المفترض أننا أمة لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع!