علاقة الإنسان بالطعام وموقفه منه تحدّد إلى درجة كبيرة مدى سمنته أو نحافته، فكثيرون يعيشون ليأكلوا (فالأكل محور حياتهم) بينما من المفروض ان يأكلوا ليعيشوا (حيث الطعام وسيلة للعيش وليس غاية). وفي كثير من اللهجات العربية تسمى الحبوب او الخبز المصنوع منها "عيش" للدلالة على أن الأكل وسيلة للعيش. والجزء الثالث والأخير من كتاب مايكل بولان المختصر والمفيد: قواعد الطعام Food Rules يتضمن نصائح قيّمة عن كيفية الأكل من أهمها: ادفع أكثر ثمناً لطعامك ولكن كُل كمية أقل. فطعام اليوم الذي يقوم على الاستهلاكيّة لم يعد يركز منتجوه على نوعيته بل على كميته في سباق محموم بين منتجي الأطعمة (السريعة والمصنعة، وهو غالبية ما يأكله الجيل الجديد للأسف) على تخفيض الأسعار على حساب نوعية ما يقدمون من أطعمة. وليس هناك مفر من الاعتراف بأن الأطعمة الجيّدة (من حيث المذاق ومن حيث القيمة الغذائية) تكلّف المنتجين أكثر لأن زراعتها تتم بحرص أكبر وتأخذ وقتاً أطول ولذلك لا يقبل عليها إلا القلّة من المنتجين. وللوصول إلى الحكمة في هذا المجال لا يجدر بالمستهلك أن ينجرف إلى شراء الأرخص لأنه أرخص، فعلى المدى الطويل سيدفع ذلك المستهلك الكثير على هيئة فواتير أطباء ورعاية صحية بسبب النتائج التي أفرزها تناول الطعام الرخيص الرديء. قلل من الطعام.. أي توقف عن الأكل قبل ان تشبع ولا تأكل حتى تجوع وهذه النصائح التي يقدمها بولان ليست جديدة، فهي تلخيص للقول المأثور (وهو ليس بحديث صحيح): "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع". وهي نصائح قيّمة بحق تطبيقها يجعل الصحة المثلى منالا أقرب إلى الواقع. تناول طعامك ببطء لا لكي تدرك فقط متى تتوقف عن الأكل ولكن أيضاً لتستمتع بمذاق الطعام، وستكتشف أن كمية أقل منه ستشبعك. فإذا كانت لذة الأكل هي مرادك فتأكد أنك ستحصل على لذة أكبر لو أبطأت في تناول طعامك وتوقفت عن عادة إرساله إلى المعدة بسرعة. وبعبارات أخرى اعلك طعامك ببطء حتى يتحول إلى مائع، واحتفظ بشرابك في فمك لمدة أطول قليلاً مما اعتدت عليه قبل أن تبلعه فحاسة الذوق في الفم والشعور الكامل بما في الفم يعنى تزايد الشعور بالشبع وهو أول غايات تناول الطعام. وأسهل وسيلة للوصول إلى ذلك هو التعوّد على ترك الملعقة من اليد على جانب الطبق بعد كل رحلة لها إلى الفم!