(أوقفوا الأرض.. أريد أن أنزل) والمليارات التي تزحم الأرض من البشر كلهم يصرخون من شيء.. لكن الصارخ هنا يسمعه الناس ليس لأنه صرخ. بل لأنه عرف كيف يصرخ.. والشأن اليوم ليس هو أن تصرخ… الشأن اليوم هو أن تعرف كيف تصرخ.. وسيارة كرايزلير كانت حديثة تنتج بأموال هائلة.. أموال لا بد من استردادها.. وشركتها تبحث عن وسيلة رائعة للدعاية وتذهب إلى هيتشكوك.. وهيتشكوك يجعل (كاري جرانت) النجم الرائع يومئذ.. وفي الفيلم.. يزور مصنع السيارة ذاتها كرايزلير واللعبة الذكية تبدأ والشركة التي تريد أن تقدم تفاصيل السيارة للمتفرجين تجعل الزائر كاري جرانت في الفيلم يتابع مشاهد صناعة وتجميع قطع السيارة قطعة قطعة.. والملل يكاد يصيب المتفرجين.. وكاري جرانت في النهاية يفتح باب السيارة الرائعة ليجلس خلف عجلة القيادة… وكاري جرانت يفتح الباب ومن وراء الباب تسقط جثة قتيل جريمة ارتكبت أثناء تجميع السيارة وتحت أنف المشاهدين تماما ودون أن يراها أحد والمتفرجون تقفز شهقاتهم وكل منهم يستعيد في ذاكرته كل المشاهد التي كادت أن تصيبهم بالملل ليعرف متى وأين وكيف حدثت الجريمة والدعاية المملة للسيارة تصبح شيئا يحمله الناس في أذهانهم حتى بعد الخروج من السينما الإثارة – وليس العقل – هي ما يقود العالم الآن مابين الانتخابات ودعايات السلع وحتى الفنون وحتى.. وحتى.. والإثارة يقودها الفن والفن ملوث.. والتلوث هذا هو ما يجعل أهل (الدين) يبتعدون عنه.. ويتركون الميدان كله للخراب.. والفن يبتلع الأجيال كلها وأهل الدين ينظرون بلسان معقود لا يعرف كيف يخاطب العصر.. فلاهو يقبل أن يعبأ في عبوات الفن الملوثة ولا هو يقبل أن يبقى أبكما! وموجة حقيقية تشعر بهذا تنطلق في السبعينيات أيام أفلام العقاد الرائعة الرسالة والمختار حتى المواقع الإلكترونية الآن لكن لا العقاد تستمر عبقريتة ولا المواقع الإلكترونية تكتشف عبقرية جديدة.. وداعية سوداني يوجز الأمر بقولة أن الورطة اليوم هي (متدينون لا يعرفون الإعلام) (وإعلاميون لا يعرفون الدين) ويوم يتزوج هذا من هذا تنجب الدعوة خيولها الرائعة