عمان – سامي محاسنة الديون الخارجية 22 مليار دولار.. والعرض في مرحلة «جَسّ النبض» العشائر والأجهزة الأمنية ترفض تغيير التركيبة السكانية في الأردن. تحاول سفارتا الولاياتالمتحدة وبريطانيا في عمَّان جس نبض الشارع الأردني لبيان مدى تقبّله فكرة استقبال اللاجئين الفلسطينيين في سوريا على أراضي الأردن مقابل حل أزمته المالية وإلغاء ديونه الخارجية التي تجاوزت 22 مليار دولار. وقالت مصادر سياسية في عمّان ل»الشرق»، إن السفير البريطاني في عمّان بيتر ميليت، يُجري لقاءات على مستوى ضيق بقيادات المجتمع المدني الأردني، بهدف استطلاع آرائهم حول مسألة قبول الشارع والحكومة استقبال اللاجئين الفسطينيين المقيمين في سوريا وتوطينهم في الأردن. في السياق ذاته، يطرح السفير الأمريكي في عمّان ستيورات جونز، نفس الأفكار ولكن في سياق «العصا والجزرة»، وذلك بالتحذير من الأزمة الاقتصادية التي قد تعصف بالاقتصاد الأردني جراء مشكلات المديونية والعجز في الموازنة، مع التلويح في الوقت نفسه بإمكانية تقديم عرض دولي تحمله الإدارة الأمريكية بإعفاء الأردن من كامل ديونه الخارجية التي تتجاوز 22 مليار دولار حسب موازنة عام 2012، شريطة قبول الدولة باستقبال واستيعاب اللاجئين الفلسطنيين الموجودين في سوريا. وتشير إحصاءات جرت في سوريا عام 2005 إلى أن إجمالي اللاجئين الفلسطينيين المسجلين هناك يبلغ 432.048 لاجئاً، منهم 115.473 لاجئاً من المسجلين في المخيمات، أما البقية فيقيمون في مختلف المدن السورية. ويبلغ عدد المدارس الابتدائية والإعدادية التي يحتاجها الفلسطينيون في سوريا 118 مدرسة، لكون عدد التلاميذ المنتظمين في الدراسة، بحسب إحصاء عام 2005/2006، بلغ 64.169 طالباً وطالبة. التركيبة السكانية ويرى مراقبون للتركيبة الديمغرافية الأردنية أن هذه الأرقام من اللاجئين الفلسطينيين ستعمل على تغيير جذري يتمثل في زيادة عدد الأردنيين من أصول فلسطينية، الذين يتجاوز عددهم بحسب إحصاءات شبه رسمية نصف سكان الأردن، وهم في المجمل أكثر من ستة ملايين نسمة. وبحسب ما رُشِّحَ من سفارتي بريطانيا والولاياتالمتحدة في عمّان، فإن هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين سيُمنَحُون الجنسية الأردنية وكامل الحقوق السياسية من انتخابٍ وتولٍ للوظائف العامة في الدولة التي تعاني شحاً في الموارد المائية والاقتصادية والتنموية والزراعية. ويتخوّف صانع القرار الأردني من ترك الأردن وحيداً في أزمته الاقتصادية، بحيث يتم الضغط عليه لتمرير جميع المخططات الدولية الرامية إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في دول الشتات على أرضه، الأمر الذي سيؤدي للإخلال بالمعادلة الديمغرافية في المملكة الهاشمية لصالح الأردنيين من أصول فلسطينية، وهو ما ترفضه العشائر والجيش والأجهزة الأمنية «التي تملك القوة العسكرية على الأرض في مواجهة أي مخطط قد يقوّض تركيبة دولتهم»، بحسب وزير أمني سابق. تفجير المنطقة وخلال زيارته إلى موسكو، نقل الملك عبدالله الثاني هذه المخاوف إلى روسيا صاحبة الكلمة الفاعلة على النظام السوري، وحذّر من اقتراف مثل هذه الخطوة التي تعدّ صاعقاً متفجراً للمنطقة. و»تكشف جلسات العصف الذهني والاستكشاف التي تجريها السفارتان البريطانية والأمريكية في عمّان، عن مدى استغلال المجتمع الدولي أي فجوة لتمرير أي مخطط توطيني» بحسب المعارض الأردني الدكتور موفق محادين، الذي يؤكد أنه لا يمكن الوقوف سلباً أمام هذه «المخططات المشبوهة»، بحسب وصفه. ولهذه الأسباب تنشط الدبلوماسية الأردنية قبيل زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، للمنطقة في إبريل المقبل، لتثبيت قضية إعادة الحياة للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية دولية، ليس فقط من جانب الولاياتالمتحدة، بل من خلال إدخال روسيا كلاعب جديد في عمليات التفاوض لتغيير شروط اللعبة. وفي هذا الإطار، أعرب العاهل الأردني خلال زيارته الأسبوع الماضي إلى موسكو، عن أمله في أن يلعب صديقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، دوراً محورياً في صياغة مفاوضات مثمرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. تطمينات من دمشق في سياقٍ متصل، أبلغ الوفد الأردني الشعبي الذي زار سوريا مؤخراً رئيسها بشار الأسد بتخوفات الجانبين الرسمي والشعبي في الأردن من أي مغامرة يلجأ إليها المجتمع الدولي لإجبار النظام السوري على تهجير الفلسطينيين إلى الأردن، إلا أن الأسد أبلغ الوفد، وفق المحامي سميح خريس، بأن «أمن الأردن وأمن عمّان يهمنا كما هو أمن دمشق، ولن نسمح بمثل هذه السيناريوهات». بدوره، يفضل وزير أردني سابق، طلب عدم كشف اسمه، أي خيار اقتصادي صعب على البلاد عن خيار حل قضية اللاجئين الفلسطينيين على حساب الأردن. وكان الأردن منع دخول اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سوريا منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011 حتى الآن، إذ يتم التدقيق في هويات الداخلين للساحة الأردنية. وقبل سنوات، وقف الأردن موقفاً حاسماً تجاه دخول اللاجئين الفلسطنيين الذين كانوا يقيمون في العراق وغادروا بغداد، حيث نصبت لهم السلطات الأردنية مخيماً على المنطقة العازلة بين العراق والأردن ولم تسمح لهم بالدخول حتى قام المجتمع الدولي بحل أزمتهم، ولم يدخل منهم أي شخص، وكان عددهم لا يتجاوز حينها 400 لاجئ.