قضية رهام (طفلة جازان) التي أثيرت قضيتها الأسبوع الماضي والتي حصلت نتيجة إهمال طبي مفجع تمثل بحقنها بدم ملوث بفيروس (الإيدز)، هذه القضية تناولتها وسائل الإعلام بشكل كبير وخصوصاً موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)؛ حيث أثارت هذه القضية أكثر من علامة استفهام حول مستوى الخدمات والرعاية الطبية والصحية في بلادنا. والسؤال الذي يتبادر إلى أذهاننا هو: بماذا يُصنف هذا العمل؟ هل هو خطأ طبي أم هو جريمة في حق طفلة بريئة فجعت بها أسرتها؟. من وجهة نظري أنها جريمة بحق الطفلة والأسرة والمجتمع؛ لأن هذا لايدخل تحت مسمى الأخطاء الطبية، وإنما هو إهمال طبي قاتل أذهب زهرة حياتها وقضى على طفولتها، فقد دُمر مستقبلها بسبب غياب منظومة إجراءات وضوابط فعلية مماثلة لما يعرفه العالم، هنا نقول: إن التحول الذي عصف بحياة هذه الفتاة المسكينة وسرق أحلامها البريئة حيث إن هذا المرض يتطلب المراجعة المستمرة للمستشفيات ومن ثم سيحد من حريتها في الحركة والتنقل لكون هذا المرض يدمر المناعة الطبيعية للإنسان وهذا يجعل حركتها أكثر تحفظاً ، بالإضافة إلى الآثار النفسية السيئة على هذه الطفلة البريئة التي وقعت ضحية هذا الإهمال الطبي، ولابد في هذه الفترة من العمل على تكثيف العلاج النفسي للطفلة وإخراجها من أزمتها بشكل سريع. نعم إرادة الله فوق كل شيء وقد حصل ما حصل من خطأ، ولكن ما دور وزارة الصحة في مراقبة هذه المختبرات بصفة مستمرة من حيث شراء وتأمين الأجهزة الحديثة التي تكشف الأمراض الخطيرة في عينات الدم المراد نقلها للمرضى، وكذلك متابعة الموظفين بشكل دائم ومستمر وتطوير أدائهم للأحسن على الأجهزة والطرائق الحديثة التي تتطور يوماً بعد يوم. والأسئلة كثيرة ولكن قبل ذلك أود أن أشير إلى نقطة هامة ورئيسة وهي: لو أن هذا الحدث وقع في أوروبا أو أمريكا يا ترى ماذا سيحدث؟ وبماذا ستعوض الطفلة وأسرتها؟ أترك الإجابة للقراء الأعزاء وهم على علم بالأنظمة والقوانين التي في تلك البلدان المتقدمة. يفترض على وزارة الصحة بعد هذه الحادثة أن تسن قوانين جديدة تحمي المرضى وتُقلل من الأخطاء الطبية وتعيد النظر فيما لديها من قوانين وأنظمة، وأن تصنف الأخطاء تصنيفاً دقيقاً حتى ولو لزم الأمر أن يكون ذلك عبر دراسة استطلاعية تشارك فيها عينة كبيرة من المجتمع، ومن ثم تصبح هذه القوانين واضحة وصريحة للجميع وخصوصاً للعاملين في المستشفى ويصادقون عليها قبل توظيفهم في تلك الأماكن التي قد تصدر منها أخطاء طبية، وهذا سوف يجعل الجميع حريصين على عدم وقوع أي خطأ أو إهمال، كذلك سن مثل هذه القوانين والأنظمة تحمي الوزارة وهي تمثل الدولة في أي مرافعات ضدها من خلال القرارات التي تُتخذ في هذا الشأن مثل: الفصل الكامل عن العمل، أو الغرامة وغيرها من العقوبات الرادعة. والتداعيات التي حصلت في الأسبوع الماضي لقضية الطفلة رهام أغلبها كانت وجهات نظر عاطفية جداً، وهنا لا ألوم من كتب وشارك ولكن كان بالأحرى البحث عن حلول سريعة في أي قضية تحدث حتى لانكون فقط جلادين للذات دون تقديم أي حلول ومساعدة المسؤولين في اتخاذ قرار قد يكون في صالح المتضرر دائماً، وكان بالأحرى ببعض من تناولوا هذه القضية وخصوصاً في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» ومن لديه أتباع بعشرات الآلاف أو مئات الآلاف من المتابعين أن يقترحوا وضع حساب خاص للطفلة رهام للتبرع لها ولأسرتها ليتفاعل أفراد المجتمع مع هذه القضية بشكل كبير وملموس، وكذلك رجال الأعمال وأصحاب الشركات والبنوك عليهم ملامة كبيرة في عدم تفاعلهم مع قضية رهام؛ لأن هذا يدخل ضمن الشراكة المجتمعية أو التفاعل المجتمعي بين أفراد المجتمع والقطاع الخاص، لماذا لم يظهر أحد من هؤلاء ويتكفل بعلاج الطفلة خارج المملكة وبأسرع وقت؟ أين الإنسانية في مثل هذه المواضيع؟ هل انعدمت لدينا الإنسانية إلى هذه الدرجة من عدم تفاعلنا مع هذه القضية، وأيضاً الجمعيات الخاصة برعاية الأطفال وخصوصاً جمعية رعاية الأطفال، لماذا لم تظهر وتتفاعل مع هذه القضية خصوصاً أن الطفلة قد قدمت إلى الرياض للعلاج. أما وزارة الصحة التي تمثل الدولة في هذه القضية فيفترض بها أنها بادرت منذ أول وهلة إلى احتواء هذه القضية وبصفة عاجلة وإرسال الطفلة إلى خارج المملكة محاولة منها لكسب الوقت في تفادي حدوث أي مضاعفات لا سمح الله، وكذلك تهدئة الرأي العام الذي أصابه استياء كبير جراء هذه القضية. ختاماً نقول وبصوت واضح ومسؤول ورغبة في الإصلاح وليس تهييجاً للرأي العام أو التشويش على أداء مؤسسات الدولة: إننا ننتظر إجراءات تصحيحية حقيقية على مستوى منظومة الخدمات الصحية وتحديداً فيما يتعلق بالأخطاء الطبية حتى لاتتكرر مثل هذه الفاجعة أو غيرها، وهنا ندعو الله بأن يشفي هذه الطفلة البريئة من هذا المرض الخطير، وأن يكون هذا الخطأ آخر الأخطاء الطبية التي نراها على أرض الواقع.