أتعجب كثيراً من عادةٍ غريبةٍ لدينا أجدها في أكثر من مستوى ومجال، حيث إننا لا نكرم مبدعينا ولا نثني على إنجازاتهم إلا بعدما يوارون الثرى وتغادرنا أرواحهم. كثيراً ما أتجاهل الصفحات التي تثني على إنجازٍ ما وتعرض حياة مبدعٍ بعدما يموت وأحاول جاهدة كبت سؤالٍ بداخلي ألا وهو: لماذا لا يكَرّمون وهم أحياء؟ لماذا لا نعتبرهم قُدواتٍ في مجالاتٍ سابقة ونقدمهم للمجتمع ونعرفهُ على تاريخهم، هل لأننا لا نأمن عليهم الفتنة؟ أم أن المبدع يجب ألاّ يكون شاهداً حياً على إنجازاته، ومن باب نكران الذات الذي نقدمه لهم عدم إبراز نتائج صنائعهم وآثارها علينا أمامهم.أسئلة كثيرة تدور بداخلي حول ذات الشأن، وإجحافٌ مجتمعي كبير بحق ثلة (لا أظنها قليلة)، قدمت ومازالت تقدم الكثير، ولا غرابة في أن يتقاعس الشباب الطموح عن المبادرات ويردد (ومن يدري عني)؟ كثيرٌ من المبدعين لم نسمع عنهم إلا بعد وفاتهم، وكأن الموت هو الراوي الوحيد لحياةٍ كانت تعمل بصمت، وتضع الإنجاز (الوطني) نصب عينيها في كل شيء.أنا هنا لا أعمم، فهناك عدة مبادرات بدأت تنتهج درب تكريم المبدعين وأصحاب الإنجازات الكبيرة، لكن الإجحاف الشديد تصرّ عليه بعض الجهات الأخرى دون أن تقرر استبدال المرثيات وسرد حياة الراحلين بأخرى تسرد قصة نجاح أرواح مازالت بيننا.