اجتمع المجلس الوطني التأسيسي في تونس أمس الخميس بصفة استثنائية للتباحث في آخر تطورات الوضع العام في البلاد منذ اغتيال المعارض شكري بلعيد، وهي الحادثة التي ألقت بظلالها على تفاعلات المشهد السياسي التونسي. وناقش النواب أيضاً مبادرة رئيس الوزراء حمادي الجبالي بتشكيل حكومة كفاءات غير متحزبة، الأمر الذي أحدث انقساماً بين مؤيدٍ للمبادرة، ومَنْ يرى أن المرحلة تحتاج إلى حكومة سياسية. وتحدث نواب المعارضة عن ضرورة وضع حد لاستشراء مظاهر العنف السياسي في البلاد، الذي أصبح يهدد المصلحة الوطنية والمرحلة الانتقالية، مجددين مطالبتهم بحل روابط حماية الثورة التي يرون أنها مسؤولة عن عديد من مظاهر العنف السياسي، واصفين إياها ب «ميليشيا» تأتمر بأوامر حركة النهضة الإسلامية الحاكمة. إلا أن المعارضة انقسمت في موقفها من مبادرة الجبالي، ففي حين رأى ممثلو الحزب الجمهوري، وحركة نداء تونس أن المبادرة تعد «خطوة إلى الأمام»، معربين عن دعمهم لها، أبدى شقٌ آخر من المعارضة رفضه للمبادرة إما لأن المرحلة الحالية تستوجب حكومة سياسية تدفع بالإصلاحات، وإما لأن البلاد تحتاج إلى «حكومة أزمة»، بحسب نواب عن الجبهة الشعبية. من جانبهم، أعرب ممثلو حركة النهضة وحزب المؤتمر وحركة وفاء عن رفضهم لمبادرة رئيس الوزراء، معتبرين أنها التفاف على الشرعية الانتخابية، ولا تمثل «حلاً سحرياً» لمشكلات البلاد. وفي هذا السياق، دعا القيادي في حركة النهضة، محمد العكروت، إلى «مليونية الدفاع عن الشرعية» غداً السبت. وقال العكروت، نائب رئيس «النهضة» وعضو مكتبها التنفيذي: «ندعو بكل إلحاح إلى حضور هذا التجمع الشعبي غداً السبت». وأضاف عبر شريط فيديو بثته «النهضة» على صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك»: «هذا التجمع نريد أن نوجه من خلاله رسالة إلى كل أبناء الشعب التونسي بمختلف أعمارهم وبمختلف أطيافهم من جمعيات وأحزاب سياسية وكل الأطراف التي يعنيها أن تنتصر هذه الثورة المباركة». وقال «نريد أن ندعم ثقتنا في هذه الثورة التي لها بعض الذين يريدون عرقلتها، نريد أن نقول لهم خاب مسعاكم، فهذه الثورة ستنتصر على الجميع». وأضاف «نحن نريد أن نوجه هذه الرسالة من خلال هذا التجمع الكبير، نريده أن يكون حشداً كبيراً، ونريد أن نحمل المسؤولية لكل الخيِّرين في البلاد، نريد أن نوجه رسالة لأبناء الثورة، ولأبناء الحركة الإسلامية، خاصة حركة النهضة أن يكونوا غيورين على ثورتهم وعلى هذه البلاد ومصالحها، ويدفعوا في هذا الاتجاه». يأتي هذا في الوقت الذي يستعد فيه حمادي الجبالي للإعلان عن تركيبة حكومته الجديدة، خاصة بعد أن دعمته في مبادرته جل المنظمات المدنية الوطنية والنقابات العمالية وأحزاب في المعارضة بالإضافة إلى مجلس الحكماء الذي شكله، وتضمن عدداً من الشخصيات الوطنية المعروفة. وفي شأنٍ متصل، صرح الرئيس التونسي المنصف المرزوقي في مقابلة مع صحيفة فرنسية نُشِرَت أمس الخميس بأن تونس «امتصت صدمة» اغتيال المعارض شكري بلعيد. وقال المرزوقي بشأن حادثة اغتيال بلعيد القيادي في الجبهة الشعبية وتداعياتها «أرى أننا نعبر هذا الاختبار بدون أضرار كبيرة»، مضيفاً أن «البلاد لا تشهد حرباً، ليس هناك قتيل واحد ولا حتى جريح، بَقِيَ البلد هادئاً بمجمله وحتى التظاهرات المضادة جرت بهدوء، لقد تمكنا من امتصاص الصدمة». وبخصوص النظام السياسي الذي ستعتمده تونس مستقبلاً، قال المرزوقي إنه يؤيد «نظاماً مختلطاً» لأن «تونس عانت كثيراً من الديكتاتورية، ويجب منحها نظاماً يمنع أي عودة إلى الديكتاتورية أو وجود رئيس وزراء قاسٍ جداً». وتابع أن «الرئيس المقبل يجب ألا يبقى أكثر من ولايتين ويجب ألا تكون لديه حصانة عندما ينتهي عمله، ويجب أن يكون ممكناً إقالته كما في الولاياتالمتحدة بموجب إجراءات إقصاء». جانب من اجتماعات النواب (الشرق)