فيما الشفاهُ دأبت أنْ تدمغَ هامتَه بوابلٍ من القُبلاتِ «المحتسبةِ» ألِفَ-صاحِبُنا -انحناءةَ رأسهِ بحيثُ لا يُرَى إلا والرأسُ منه قد تطأطَاَ لا بسببٍ من خشيةٍ لله وذلةٍ للمؤمنين -وذلك عطفاً على صفاتٍ أخرى يتمتع بها تتنافر ومعاني الخشية- ما يجعلكَ تجزمُ بأنّ تلك الطأطأة ليست سوى حال من التَّهيؤِ والتَّأهبِ لقبلةٍ قد تعترض طريقه صدفةً لتجدَ السبيلَ إلى رأسهِ مذللاً.. هو: «واعظٌ» لا لا.. بل: «قاصٌّ» إذ الوعظ شرفٌ له شرائطه التي لا يُمكنُ أن يتوافرَ عليها ولا كثير مِن أقرانهِ!، وأياً يكن الأمرُ فمبلَغُهُ من»العلمِ» نثارُ قصصٍ لو أدركهُ: «ابنُ عباس» وهو يقصُّها لركلهُ وأخرجهُ من المسجد!. آخر مستجدَّات تذكيره الناسَ أنه: طَفِق يحذرُهم قول: «مرحباً» و»وأهلاً» حجتُه في ذلك أنها ليست مِن هَدي الإسلام.. وأنها دخيلةٌ.. ثم ما لبثَ أن اشتغلَ بخلعِ صفاتٍ منكرةٍ على مَن يُكثر من هذه الألفاظِ، وكان أقل ما وصفهم به قوله: احذروا مجالستهم.. إذ لا يخلون من فسقٍ.. مغرر بهم.. يتبعون تحيةَ كل ناعقٍ..تعرفونهم من لحن القول.. في حين حفظنا -منذُ بدء الطلب- المرات التي قال فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أهلاً..ومرحباً» بأبي هو وأمي؛ إذ كانَ يحتفي بها من يلتقيهم رجالاً كانوا أو نساء.. ومن ذلك أن البخاريَّ صنعَ باباً في صحيحهِ وترجمَ له بما يلي: باب: قول الرجل مرحباً، وقالت عائشة: قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة عليها السلام مرحباً بابنتي، وقالت أم هانئ جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال مرحباً بأم هانئ. وأورد فيه حديث ابن عباس، قال: لما قدم وفد عبدالقيس على النبي صلى الله عليه وسلم قال: مرحباً بالوفد الذين جاءوا غير خزايا ولا ندامى. ومثله كثير، كحديث عليٍّ وعمار بن ياسر.. يُنظَر في مظنَّاته، إذ المساحةُ لا تستوعب أكثر من هذا.