قرأت وبكل سرور وعد رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور ناصر آل تويم في «الشرق» (العدد 19) الذي وعد فيه بالقضاء على جشع التجار خلال 81 شهراً أي ست سنوات وثمانية أشهر من ليلة التصريح، وطرت فرحاً حينما عرفت أن هذا الوقت هو كل ما يلزمنا حسب تصريح رئيس الجمعية ليصبح جشع التجار نسياً منسيا! وكالعادة جاء التصريح بصيغ متفائلة تدعو للتشاؤم، فهم سوف يفعلون وينظمون ويقاطعون وجملة من الأفعال التي نعرفها ومسبوقة دائماً ب(سوف). كل هذا لا يهمني أبدا فأنا (مُستهلِك) قد بلغ من العمر عتيا! لكن ما أثار استغرابي فعلاً واستفزّ فضولي للمعرفة هو تلك الآليّة التي استطاعت الجمعية من خلالها تحديد هذه المدة وبهذه الدقة للقضاء على جشع التجّار؟ خصوصاً أن الدكتور ناصر قال (إن الجمعية اعتمدت أفضل التقنيات في العالم لحماية المستهلك من الجشع التجاري). ونتساءل نحن المعنيين بالموضوع هل جشع التجار قصير إلى هذا الحد؟ وهل أفضل التقنيات بالعالم تحتاج قرابة السبعة أعوام لكي تعمل؟! هذه المهلة التي منحتها الجمعيّة للتجار تمنحهم الفرصة أن يفعلوا بالمستهلكين وبالأسعار ما يحلو لهم طالما أن موعد المعركة معهم سيكون بعد 81 شهراً أي بالضبط بعد أن يُطحن المستهلك ويعيش سبع سنوات عجاف أخرى وتصبح مهمّة البحث عنه أصعب من مهمّة حمايته! وفي التصريح نفسه تحدث رئيس الجمعية عن ورشة عمل تحت عنوان (الإعلام الجديد.. آفاق وتحدّيات) والتي أقيمت في فندق يملكه تاجر وبحضور ومباركة التاجر نفسه الذي سمع رئيس جمعيتنا يتحدث عن جشع زملائه التجار! وبصدق لا أعرف ما هي تلك الآفاق والتحديات التي جعلت الجمعية تحضر تلك الورشة الخاصة بالإعلام الجديد، ذلك الإعلام الذي بادر في شن الحملة تلو الأخرى ضد الجشع ودعا الى المقاطعة الشعبية لبعض السلع ولم ينتظر توقيت ساعة الرمل التي تمتلكها الجمعية. ولا أعرف هل الجمعية تريد أن تحمي التجار من الإعلام الجديد وحملاته الشرسة وتشرح لهم كيف يمكننا استخدامه بشكل سيء قد يضر مصالحهم أم تريد أن تكشف أساليبنا في ذلك الإعلام ليجدوا الحل المناسب لهم؟! وبعيداً عن التصريح أقول صادقاً إن كل ما تحتاجه الجمعية لتنجح في عملها هو الخروج من قاعات الفنادق الى الشارع، الخروج من مكاتب التجار والوقوف على الرصيف مع النّاس، كونوا قريبين للناس عبر تلك التي قلتم عنها (أفضل التقنيات في العالم) اتركوا أرقام التواصل في كل مكان واجعلوا الوصول إليكم سهلاً واستجابتكم أسرع، أنصفوا النّاس وامنحوا أصحاب الضمائر الحيّة الثقة كي يعملوا معكم كمراقبين من خلال التواصل السهل معهم فهذا لن يكلفكم الكثير، امنحوا النّاس شعوراً طيّباً أنكم تعملون من أجلهم بلا توقف، احموا جيوبنا من الغلاء واحموا أسواقنا من السلع (الرخيصة)! جاهدوا بالحصول على عقوبات للمخالفين والجشعين والتشهير بهم كي تستمدون قوّتكم من النّاس الذين تعملون من أجلهم لا من التّاجر الذي يسمع تهديداتكم بلغتها النّاعمة وتمنحونه الفرصة تلو الأخرى وهو يستمتع وأنتم تغرقون في بحر التسويف!