يقول العضو السابق في جماعة الإخوان المسلمين في الأردن في تنظيم جامعة اليرموك صالح جرادات إن “لدى الإخوان إبداع في قتل الإبداع”، ناقلا هذا التعبير عن أحد شيوخه السابقين، ولكن الحال الذي عرف عن جماعة الإخوان المسلمين طويلا برفض اجتهادات وآراء الشباب ربما يكون اختلف فعلاً. تفكير جديد وظهرت هذه الصورة بوضوح في افتتاح مؤتمر الشباب الأول في حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي للإخوان في الأردن، ولم تكن بعيدة عن الواقع، ففي الصفوف الأولى كان هناك رجالات القيادة المعروفين بهدوئهم التقليدي، فيما كانت القاعة خلفهم تضج بحيوية تسعى للتعبير عن نفسها، مع الاحتفاظ بمساحة من الاحترام للكبار. والمؤتمر الذي عقد السبت الماضي كان تحديداً تحت عنوان “دور الشباب في الإصلاح”. ويسود انطباع عند المقربين من الحركة مفاده أنه رغم أن قطاع الشباب في الإخوان المسلمين برز كقطاع مستقل إلا أنه ليس له أي استقلالية حقيقية في الحركة والتعبير عن رأي سياسي ما، ولكن شباب الحركة الإسلامية يرون الأمور بمنظور مختلف، يستند إلى حد كبير على الاندفاع الشعبي المرتبط بالثورات العربية، ويشير إلى رغبة في التغيير داخل الحركة نفسها. ويستشهدون بالنشاط الملحوظ جداً لشباب الحركة الإسلامية في الشارع الأردني، حيث كانوا أصحاب فكرة الاعتصام المفتوح الوحيد في الأردن في شهر مارس الماضي، ثم موجة اعتصامات أثارت قلق المستويات الرسمية العليا في الأردن وشغلت الرأي العام لأسابيع، وأوحت بأن شباب الحركة موجة جارفة لا يقف في وجهها حتى قياداتها. ويقول مسؤول قطاع الشباب غيث القضاة ل “الشرق” إن حراك الشباب في مصر وتونس أعطى شباب الحركة “نشوة سياسية”، وهو وإن لم يؤد إلى ثورة داخلية إلا أنه أدى إلى طريقة تفكير جديدة، وإلى السعي لدفع قيادات شابة إلى مراكز متقدمة، مضيفاً أن ما حصل في العالم العربي أعطى الأمل بقدرة الشباب على التغيير بغض النظر عن الحركات والأحزاب والأطر. لن يخرجوا من دائرة “الشيخ” ومع ذلك فإن صالح جرادات لا يحمل نفس التفاؤل، وقال ل “الشرق” إنه لا يرى أن تأثير الثورات امتد إلى الإخوان المسلمين، مشيراً إلى طبيعة التربية الإخوانية التقليدية القائمة على السمع والطاعة وقتل الإبداع والتي أنتجت شبابا غير قادرين على الخروج من دائرة “الشيخ” وال”التنظيم”، إضافة إلى قوانين التنظيم التي تمكن فئة محددة من السيطرة عليه. ويشير جرادات إلى حركتين من حراك للشباب الأردني هما 24 آذار و 15 نيسان، مشيراً إلى أن الناطقين باسمهما (معاذ عبدالكريم الخوالدة وعلي زكي بني ارشيد) هما ابنا قياديين تقليديين ويتبعان لهما فعلياً. ويضيف إن أبرز حراكين كان يفترض أن يعبرا عن استقلالية الحراك الشبابي الإسلامي، هما خاضعان فعلياً للقوى التقليدية داخل الجماعة ويتحركان ضمن أطرها وشروطها وتحالفاتها مع مختلف الجهات. بينما لا يوافقه غيث القضاة على ذلك، حيث يؤكد أن الحركة تنظم برامج إعداد قيادات متقدمة ينخرط فيها الشباب لإبراز نخب قيادية جديدة، ولكنه لا ينفي إمكانية أن يدير بعض رموز الحركة الإسلامية عن بعد بعض الأذرع الشبابية، وهو – حسب القضاة – ليس شيئاً سيئاً لأن هذه هي طبيعة العمل السياسي والتنظيمي. الشباب يرفضون التبعية ويعلق على هذه المسألة منسق تجمع الطلبة الأحرار أحد الأذرع الطلابية للحركة يمان غرايبة قائلا “إن بعض شيوخ الحركة يسعون لاستمرار سيطرتهم عن طريق إعادة صياغة خطابهم بطريقة مختلفة، ولكن مجموع شباب الحركة يرفض ذلك، ويشير غرايبة في حديثه ل “الشرق” إلى أن الحركة الإسلامية في المجمل أدركت حجم التغيرات في الشارع، ولذلك أتاحت الفرصة للشباب للتقدم للصفوف الأمامية. ويعتقد غرايبة أن شباب الحركة التقطوا بشائر التغيير واندفعوا، وبالتالي كان هناك بروزا توافق مع حاجة موضوعية للحركة، أدت في النهاية إلى خطاب جديد وتغيير في الرموز والأسماء. مؤتمر الشباب الأول في حزب جبهة العمل الإسلامي (الشرق)