تعيين الأمير مقرن بن عبدالعزيز نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، وهو المنصب الثالث من حيث الأهمية في الدولة والتراتبية في المُلك، هو بلا شك قرار صائب ومبشر بالخيرات. فالأمير مقرن أهل للثقة الملكية وهو رجل قد عرف بالقدرات القيادية والنظرة الثاقبة والحنكة السياسية وسعة المعارف. كما أن تقلّده لعدد من المناصب المهمة قد أكسبه دُربة وسعة في النظر مشهودة. شجاعته وجرأته قد أهلته ليكون طياراً حربياً بعد تخرجه في (RAF) كلية القوات الجوية الملكية في بريطانيا في عام 1968 والتي استكمل بعدها دراسته في الولاياتالمتحدة عام 1974 ثم تدرج في القوات الجوية السعودية ليصبح مدير العمليات الجوية والتخطيط. ثم أصبح أميراً لحائل في 1980 وما زال أهل حائل يذكرونه بعميق الحب له ولضميره الحي وقلبه الكبير وتميزه وعمليّته في حل المشكلات. والكل يذكر كيف كان يعمل طوال الوقت بلا كلل ولا ملل ويخرج ظافراً في أكثر الظروف صعوبة بتوفيق الله ثم تصميمه وعزيمته التي لا تعرف حدوداً. فعقليته الفذة وحيويته التي لا تنضب واهتمامه بأدق التفاصيل الصغيرة إن كان الاهتمام بها سيعود بالخير على دينه ومجتمعه قد أكسبته الوعي العميق والحرص الدؤوب على توفير ما يكون ناقصاً. كل هذا في ظل ذوق رفيع، ذوق السيّد المهذب، يشهد به كل من تعامل معه. وإذا تركنا قليلاً الجانب الإداري لوجدنا الأمير مقرن من محبي العلم والفكر والمعرفة، شغوفا بالمطالعة ومتابعة المستجدات وما يدور في الدوائر العلمية والمجالات الفكرية وحرصه على وصول المعرفة للمجتمع، سواء كانت هذه المعلومة في مجال صحي أم في مجال أمني أم غيره. كما أن الأمير مقرن حريص دائماً على الوضوح والشفافية ولذلك نظمت الاستخبارات السعودية في عهده لقاء مميزاً يحدث لأول مرة في تاريخ أجهزة الاستخبارات العربية، فقد تم الإعلان عنه في القنوات الفضائية ليكون لقاء بين الكتاب والمواطنين كافة مع هذا الجهاز الحساس لكسر الحواجز والتعاون على كل ما يخدم هذا الوطن وأمنه. ولا شك أن الوضوح من أجمل الصفات الإنسانية التي تأسر القلوب. والأمير مقرن هو رجل التسامح والحلم الخارج من قدرة وقوة، فمن تعامل معه يعرف أنه من أوسع الرجال صدرا وأبعدهم عن العجلة والغضب للنفس، فهو يأخذ الجميع تحت جناح الأب الحنون الحكيم، فلا ترى ردود أفعال حادة ولا استعلاء وإنما الحلم والحكمة وسياسة الواقعات بمنطق العقل. وذلك بسبب قدرته الفائقة على التنظيم الداخلي للذات وهو أمر يعجز عنه كثير من الرجال. لا شك أن ثقة الملك عبدالله في الأمير مقرن في محلها ولا شك أن انضمام الأمير مقرن لأخويه الملك عبدالله وولي عهده الأمير سلمان سيكون من شأنه تعزيز القوة والسير بهذا الوطن المعطاء نحو التقدم والرخاء بإذن الله وتوفيقه. ولا شك أننا وكل الشعب السعودي نبارك للأمير مقرن هذه الثقة ونعده أن نكون معه وعونا له على كل ما من شأنه رفعة الدين والوطن.