يعيش سبعة عشر فرداً في أسرة أحمد علي مروعي هزازي (61 عاماً) مأساة حقيقية وظروفاً إنسانية صعبة بسبب عوزهم وحاجتهم، وفاقم من تعقيد وضعهم المعيشي عدم تمكُّن ربّ الأسرة الأمّي من الحصول على إقامة نظامية لزوجته اليمنية الخمسينية لبنان يحيى سليمان، ما ترتب عليه عدم حصوله على بطاقة عائلية، ليظل سبعة أبناء وسبع بنات بلا أوراق أو إثباتات رسمية. ويسكن مروعي وزوجته وأبناؤه الأربعة عشر، بالإضافة إلى والدته الثمانينية فاطمة حسن صايل مروعي، في غرفتين صغيرتين في محافظة الحرث في جازان، تستخدم إحداهما للنوم والطبخ في آن معاً، بينما يقبع أحد أبنائه في السجن. بداية، وعند دخول «الشرق» إلى منزل مروعي للوقوف على حال أسرته وظروفهم المعيشية، استقبلتنا زوجته لبنان وهي على كرسيها المتحرك، يدفعه أحد أبنائها، والذي أشار إلى أنها أصيبت بجلطة قبل عامين، نتج عنها شلل نصفي، كما تسبب الشلل في عقد لسانها، ومع الظروف المعيشية المتدهورة وقسوة الأيام ابيَّضت إحدى عينيها، فأصبحت لا ترى سوى بعين واحدة، كما لاحظنا تورماً وتقرحات في يدها المشلولة. وأرجع مروعي في حديثه ل»الشرق» السبب الرئيسي للوضع المأساوي الذي تعيشه أسرته إلى عدم حصوله على بطاقة عائلية ليتمكَّن من إضافة أبنائه إليها، بسبب أن زوجته يمنية ولا تملك إقامة نظامية، بالرغم من محاولاته المتكررة ومراجعته لمكتب الأحوال المدنية في صامطة لإيجاد حل لهذه المشكلة، مشيراً إلى أن ضيق الحال وقلة المال حال دون تحقيق غايتهم كل تلك السنين، خصوصاً عندما طلبت منه الأحوال المدنية الذهاب إلى القنصلية اليمنية في جدة لتحصل زوجته منها على جواز سفر، ومن ثم التنازل عن جنسيتها لتستكمل إجراءات الإضافة، وبالتالي إضافة أبنائه وبناته ليتمكنوا من إكمال تعليمهم ويلتحقوا بوظائف وأعمال يساندونه بما يجنونه منها فيما تبقى من حياته وحياة والدتهم المريضة. وذكر مروعي ل»الشرق» أن أحدث معاملة لديه في الأحوال المدنية في صامطة تحمل الرقم (1749)، مشيراً إلى أنها سلَّمت للموظف عايد الدوسري بتاريخ 2/3/1432ه، حيث توقفت هناك ولم يعمل عليها أي إجراءات حتى الآن، بينما دخل بدوره في دوامة من المراجعات، مشيراً إلى أن بعد المسافة بين مكتب الأحوال في صامطة وبين محافظة الحرث التي يقيم فيها، إضافة إلى تكاليف المشاوير والمتطلبات الكثيرة التي تحتاجها تلك المراجعات، وقفت عائقاً دون إنهاء معاملته، وقال «أنا وضعي المادي لا يسمح وليس لي دخل». وأوضح أحمد مروعي أنه حرم من أبسط حقوقه كمواطن سعودي يعول أسرة ولا يملك مصدراً للدخل، بحيث لا يستفيد من الضمان الاجتماعي ومن المساعدات العينية والمالية التي تقدمها الجمعيات الخيرية، بسبب عدم امتلاكه الأوراق الرسمية الثبوتية اللازمة، مضيفاً أن عدم إضافة أبنائه وبناته حرمهم من التعليم والعلاج ولا يستطيعون التنقل أو البحث عن وظائف وأعمال، وقال «لو أن أبنائي كانوا مضافين معي في كرت العائلة لكان وضعي مختلفاً كثيراً من ناحية تعليم أبنائي وبناتي ومن ناحية حصولهم على وظائف يساعدوني بها في تحمل المسؤولية ودفع المصاريف وتحسين الوضع من كل النواحي المادية، وما كانت هذه الخرابة التي أسكنها منزلاً لأسرتي». من جهة ثانية ، أشار بلكيع مروعي (21 عاماً) أن شقيقه أحمد مروعي الذي يصغره بعام واحد مسجون حالياً في سجن جازان العام، مضيفاً أنه بالرغم من انتهاء محكوميته قبل نحو خمسة أشهر، إلا أنه لم يخرج حتى الآن، ولا يزال يقبع خلف قضبان السجن بسبب عدم امتلاكه هوية وطنية وأوراقاً ثبوتية. كما أشار بلكيع إلى أنه يراجع أحوال صامطة منذ أكثر من ثلاث سنوات للحصول بدوره على بطاقة هوية وطنية ولكنه لم يستطع أن يخرج من تلك المراجعات بأية فائدة سوى الزج به دائماً في سلسلة من المواعيد المتفاوتة كحال بقية أشقائه. وناشدت العنود مروعي (19 عاماً) كلَّ من يستطيع من أصحاب القرار أو المحسنين أن يسارعوا بعلاج والدتها المريضة التي أصيبت بشلل نصفي قبل عامين، وما زالت تعاني من ورم في يدها اليمنى، مطالبة في الوقت نفسه بإصلاح وضع أسرتها. وكشفت العنود عن أنها تزوجت قبل أربعة أعوام، وأنها رزقت من ذلك الزواج بولد وبنت، مشيرة إلى أن شقيقتيها غادة ومريم، متزوجتان كذلك، وأنهن جميعا غير مضافات لدى أزواجهن، معربة عن أملها في تحسين أحوالهن ولملمة شتاتهن والتعجيل في إيجاد حل لمشكلتهن ليتمكَنَّ من تعليم أبنائهن وعلاجهم وتأمين مستقبلهم، حتى لا يواجهون ذات المصير الذي واجهته أسرتها بعد أن فاتهم قطار التعليم على حد قولها. وقبل مغادرة «الشرق» منزل مروعي، أوضحت والدته المسنّة فاطمة، أن ابنها كان يعمل في الأمن العام، وأنه فُصل لاحقا بسبب الغياب، مشيرة إلى أنه أصيب بسبب ذلك خلال تلك الفترة بأزمة نفسية، رقد على إثرها في مستشفى الأمراض النفسية في شهار، مطالبة بإحالة ولدها للتقاعد وصرف رواتبه وحقوقه عن الفترة السابقة. بدورها، توجَّهت «الشرق» إلى مدير مكتب الأحوال المدنية في صامطة عبدالله محمد الحكمي، لسؤاله عن معاملة أحمد مروعي المتوقفة لديهم، حيث أفاد أن الموظف الذي توجد لديه المعاملة عايد الدوسري، يتمتع بإجازة رسمية، مشيراً إلى أنه لا يستطيع أن يفيدنا بأي شيء في الوقت الحالي. من جهة ثانية، أكد ل»الشرق» رئيس المجلس البلدي في محافظة الحرث أحمد محمد معبوش هزازي ، أن محافظة الحرث بحاجة ماسة لفتح مكتب للأحوال المدنية، مشيراً إلى أن مكتب الأحوال الذي يقع في محافظة صامطة بعيد جدا، ويشهد ضغطاً كبيراً من المراجعين الذين يقصدونه من أكثر من خمس محافظات، لافتاً إلى أن أوضاع سكان محافظة الحرث المادية ضعيفة، ما ساهم في تعثر كثير منهم في إضافة زوجاتهم وأبنائهم وإكمال إجراءاتهم الرسمية، الأمر الذي يترتب عليه أضرار كبيرة عليهم وعلى مستقبلهم وتعقيد ظروفهم المعيشية، وغالباً ما تعقب ذلك آثار سلبية من النواحي الأمنية والتنموية في الوطن بشكل عام.