ضعف العقوبة الصارمة، وغياب الجهة المعاقِبة للمتجاوزين، وانتشار صحافة الألوان، وظهور قنوات الميول، وتعدد وسائل الإعلام الجديد.. كل ذلك ساهم بشكلٍ كبير في بروز التعصب الرياضي في ملاعبنا الرياضية، وأخذ في التطور السلبي حتى أصبح يشكل ظاهرةً سيئةً جداً لم تعهدْها الملاعبُ السعوديةُ منذ عقودٍ ماضية، وهذه الظاهرة السيئة أساءت للوسط الرياضي، ولسمعة الكرة السعودية بصفةٍ عامة. والتعصب الرياضي ابتُلي به كثير من ضعاف النفوس من مشجِّعين وجماهير، حتى أنَّ بعضاً من الصحفيين والكتاب ومحللي برامج القنوات الرياضية أُصيبوا بهذا الداء ولم يسلموا منه، وهؤلاء أخطر بكثير من غيرهم من جماهير ومشجِّعين في تفشِّي واستفحال ظاهرة التعصب في المجتمع؛ لأنهم يعتبرون القدوة الحسنة لكل المتابعين والمنتمين إلى الوسط الرياضي. وللأسف أن ظاهرة التعصب الرياضي لم تتوقف عند هذا الحد فحسب، بل تطورت تطوراً سلبياً، وأصبح المتعصبون يتتبعون زلات وأخطاء لاعبي ونجوم الكرة، وينتهكون حُرمة أعراضِهم من خلال رصد وتصوير وتوثيق الصور ومقاطع الفيديو ونشرها وتداولها على نطاقٍ واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على أنها (فضائحية) للتشهير باللاعب بسبب التعصب الأعمى، وهذا الانتهاك والتشهير هو في الأصل تعدٍّ صريح وخطير على خصوصيات الآخرين، واللاعبون هم بشر مثلنا يُخطئون ويُصيبون، ولهم خصوصيات وأعراض يحرم تتبعُها والتشهير بها بسبب ميولٍ وتعصبٍ وحقدٍ لا يقرُّه دينٌ ولا عقل. وهنا يفترض أن تتحرك الرئاسة العامة لرعاية الشباب بسَنِّ قانونٍ صارمٍ يُحرِّم ويُجرِّم هذه التصرفات، ويعاقب كل من يسيء لأي منتمٍ للوسط الرياضي، وأن تكون الجهة المدافعة والمحامية له لوقف مثل هذه التجاوزات.