أحمد معمور العسيري صادف يوم 1434/3/12ه ذكرى المولد النبوي الشريف، وهاهنا بعض المقتطفات المختارة عن هذه المناسبة الزكية العطرة، من كتابي المتواضع «أروع القصص والمواقف والإنجازات الإسلامية» كانت آمنة بنت وهب أمُّ الرسول، صلى الله عليه وسلم، تحدِّث أنها لمَّا حملت برسول الله، صلى الله عليه وسلم، أتاها قائل يقول لها: إنَّك قد حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع على الأرض فقولي: أُعيذه بالواحد، من شرِّ كلِّ حاسد، ثم سمِّيه محمداً، ورأت حين حملت به أنه خرج منها نورٌ رأت منه قصورَ بُصرى من أرض الشَّام، وكانت ولادته الشريفة في عام الفيل، سنة 53 ق ه/570م. يقول عثمان بن أبي العاص: حدَّثتني أمِّي أنها شهدت ولادة آمنة أمِّ الرسول، صلى الله عليه وسلم، فقالت: فما من شيء أنظر إليه من البيت إلاّ نوَّر، وإني لأنظر إلى النجوم تدنو، حتى إني قلت: لتقعنَّ عليَّ! ولمَّا كانت الليلة التي ولد فيها الرسول، صلى الله عليه وسلم، ارتجس (تزلزل) إيوان كسرى، فسقطت منه 14 شرفة، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة، وانهدمت الكنائس التي حولها، ورأى الموبذان (كبير كُهَّان فارس) إبلاً صعاباً، تقود خيلاً عراباً، وقد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها، ففزع كسرى فارس أشدَّ الفزع مما حصل، ثم وجَّه رسله إلى عبدالمسيح بن عمرو وسطيح (وهما أكبر كُهَّان الأرض في زمنهما) يستفسرُهما. فجاءه الخبر: أنه ولد في أرض العرب نبيٌّ، وأنَّ أتباعَه سيُزيلون ملك فارس ويمتلكون أرضها بعد 14 ملكاً فارسياً، فقال كسرى: إلى أن يملك منَّا 14 ملكاً قد كانت أمور! فملك منهم عشرة ملوك في أربع سنين! ومات آخر ال 14(وهو يزدجرد بن شهريار) في بدايات خلافة عثمان. (تاريخ الطبري). سلسلة من ظهره من السماء إلى الأرض ويُروَى أن عبدالمطلب (جد الرسول صلى الله عليه وسلم) قد رأى في منامه كأنَّ سلسلةً من فضة خرجت من ظهره، لها طرف في السماء وطرف في الأرض، وطرف في المشرق وطرف في المغرب، ثم صارت كأنها شجرة، على كلِّ ورقة منها نور، وإذا أهل المشرق والمغرب كأنهم يتعلَّقونَ بها، ففُسِّرت له بمولود يكون من صلبه، يتبعه أهل المشرق والمغرب، ويحمده أهل السماء والأرض، فلذلك سمَّاه محمداً، ولم يكن هذا الاسم شائعاً عند العرب قبل ذلك. يحتفل المسلمون بهذه المناسبة سنوياً في معظم الدول الإسلامية، ليس باعتباره عيداً، بل فرحاً بولادة نبيهم رسول الإسلام، صلى الله عليه وسلم، بإقامة مجالس يُنشَد فيها قصائد مدحه، صلى الله عليه وسلم، ويكون فيها الدروس من سيرته وشمائله، صلى الله عليه وسلم، ويُقدَّم فيها الطعام والحلوى، وتُعدُّ هذه المناسبة عطلة رسمية في عديدٍ من الدول الإسلامية، وهنا في المملكة؛ فإن سكان المنطقة الغربية هم الأكثر احتفالاً في السعودية بالمولد النبوي (وخاصة سكَّان مكةالمكرمة). ويذكر الإمام السيوطي أنَّ أول من احتفل بالمولد بشكل كبير ومنظَّم هو حاكم إربل (في شمال العراق حالياً) الملك المظفر أبوسعيد كوكبري بن بكتكين (ت 630ه/ 1232م)، وكان معاصراً للسلطان صلاح الدين الأيوبي، وكان لسلاطين الدولة الأيوبية والسلاطين العثمانيون عنايةً بالغة بالاحتفال بالمولد النبوي، كما كان لسلاطين المغرب الأقصى في الاحتفال بالمولد النبوي همة عالية، لاسيَّما في عهد السلطان أحمد المنصور السعدي (ت1012ه/1603م). من العلماء المؤيدين الإمام جلال الدين السيوطي، الإمام ابن الجوزي، الإمام ابن حجر العسقلاني، الإمام السخاوي، الحافظ شمس الدين ابن الجزري، الإمام أبو شامة (شيخ النووي)، ومن المتأخرين: حسنين محمد مخلوف شيخ الأزهر، محمد متولي الشعراوي، يوسف القرضاوي، محمد راتب النابلسي، وغيرهم. فمع إقرارهم أنها بدعةٌ لم تُنقَل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة، إلا أنهم يرون أنها من الأمور الحسنة، وأن فيها تعظيماً لقدر النَّبيِّ، صلى الله عليه وسلم، وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف، وتعم فيها الصدقات والخيرات، ومنهم من ذكر أنها ليست عبادة لكنها تندرج تحت الدعوة إلى الله، ويشترطون أن يكون الاحتفال في أدب وخشوع، وبعيداً عن المحرَّمات والبدع والمنكرات. ويرى العلماء المتأخرون أن الاحتفال نشاط اجتماعي يُبتغَى منه خيرٌ دينيٌّ، فهو كالمؤتمرات والندوات الدينية التي تعقد في هذا العصر، ولم تكن معروفةً من قبل. ومن ثم لا ينطبق عليها تعريف البدعة. من العلماء المعارضين: الشيخ ابن تيمية، الإمام الشاطبي، الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، الشيخ عبدالعزيز بن باز، الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، الشيخ محمد بن صالح العثيمين. وأنا شخصياً أميل إلى رأي العلماء المعارضين!