المقصود بدلائل النبوة،أي العلامات التي يستدل بها على نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، والبراهين الظاهرة التي يستوي فيها الجميع نحو حادثة شقه صدره الشريف وانشقاق القمر وحنين الجذع ونبع الماء بين أصابعه وتكثير الطعام و تكليم الحجر وغيرها . لقد وقع قبل مولده دلائل كثيرة تدل على نبوته صلى الله عليه وسلم ولعل من أهم ما يذكر مثالاً على هذا النوع قصة فيل أبرهة الحبشي الذي غزا الكعبة عام " 571م" فصرفه الله عن البيت في السنة التي ولد فيها النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن إسحاق: ( فلما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم كان مما يعد الله على قريش من نعمته عليهم وفضله ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم فقال: ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل * ألم يجعل كيدهم في تضليل* وأرسل عليهم طيرا أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل * فجعلهم كعصف مأكول" سورة الفيل " وهي أشهر من أن تذكر ولهذا امتن الله على أهل مكة بها وطلب منهم معرفتها وشكرها بالإيمان بنبيه وتوحيد ربهم "السيرة لابن هشام". قال رؤبة بن العجاج: ومسهم ما مس أصحاب الفيل * ترميهم حجار من سجيل قال "ابن كثير" وهو يتحدث عن حادثة الفيل ( كان هذا من باب الإرهاص والتوطئة لمبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه في ذلك العام ولد على أشهر الأقوال، ولسان حال القدر يقول: لم ننصركم يا معشر قريش على الحبشة لخيرتكم عليهم، ولكن صيانة للبيت العتيق الذي سنشرفه ونعظمه ونوقره ببعثة النبي الأمي محمد صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء) "تفسير ابن كثير". من تلك الدلائل والبشارات التي بشرت بمبعثه قبل مولده صلى الله عليه وسلم حديث أمية بن أبي الصلت قال له ( إني أجد في الكتب صفة نبي يبعث من بلادنا، وكنت أظن أني هو، ثم ظهر لي أنه من بني عبد مناف ، قال فنظرت فلم أجد فيهم من هو متصف بأخلاقه إلا عتبة بن ربيعة إلا أنه جاوز الأربعين ولم يوح إليه، فعرفت أنه غيره .قال أبو سفيان فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم قلت لأمية عنه فقال أَمَا إنَّه حق فاتَّبعه، فقلت له وأنت ما يمنعك؟ قال: الحياء من نساء ثقيف أني كنت أخبرهن أني أنا هو، ثم أصير تبعاً لفتىً من بني عبد مناف). "الطبراني". فهذه علامة وبشارة واضحة تدل على نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما منع هذا الرجل من الإيمان به بعد مبعثه مع علمه أنه حق إلا الكبر عياذاً بالله. ومن الدلائل والبشائر على نبوته صلى الله عليه وسلم قبل مولده الشاهدة على صدق رسالته ما حكته "أمه آمنة بنت وهب" حين حملت به أنها رأت في منامها كأن نوراً خرج منها، فأضاء ما بين المشرق والمغرب تقول "آمنة" "لزوجها" (لقد رأيت الليلة كأن شعاعاً من النور ينبثق من كياني، فيضيء الدنيا من حولي، حتى لكأني أرى قصور بصرى من أرض الشام، وسمعت هاتفاً يهتف بي، إنك قد حملت بسيد هذه الأمة "قال ابن إسحاق" (فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكانت "آمنة بنت وهب" تحدث أنها أتيت حين حملت بمحمد صلى الله عليه وسلم فقيل لها إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع وضوء فقولي "أعيذ الواحد من شر كل حاسد في كل بر عاهد وكل عبد رائد يرود كل رائد فإنه عبد الحميد الماجد قد أتى المشاهد". قال وآية ذلك أن يخرج معه نور يملأ قصور بصري من أرض الشام فإذا وقع فسميه محمدا فإن اسمه في التوراة أحمد يحمده أهل السماء وأهل الأرض واسمه في الإنجيل أحمد يحمده أهل السماء وأهل الأرض واسمه في القرآن محمد فسميه بذلك" شعب الإيمان 2/136". عن عثمان بن أبي العاص قال حدثتني أمي أنها شهدت ولادة "آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم" وكان ذلك "ليل ولدته" قالت فما شيء أنظر إليه من البيت إلا نور وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى إني لأقول لتقعن علي) "تاريخ الطبري 1/454" . كان مولد النبي صلى الله عليه وسلم نذيرا بزوال دولة الشرك، ونشر الحق والخير والعدل بين الناس، ورفع الظلم والبغي والعدوان.وكانت الدنيا تموج بألوان الشرك والوثنية وتمتلئ بطواغيت الكفر والطغيان، وعندما أشرق "مولد سيد الخلق" كانت له إرهاصات عجيبة، وصاحبته ظواهر غريبة وأحداث فريدة، ففي "يوم مولده" زلزل إيوان "كسرى" فسقطت منه "أربع عشرة شرفة"، وخمدت "نار فارس" ولم تكن خمدت قبل ذلك بألف عام، وغاضت "بحيرة ساوه". *كلية التربية – جامعة أم القرى