بين عشية وضحاها، انقلبت حسابات بنيامين نتانياهو رئيس حزب الليكود الإسرائيلي رأساً على عقب، فبعد أن كان يستعد مع شريكه في قائمة (الليكود – بيتنا) أفيغدور ليبرمان لتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة يسيطر عليها اليمين الإسرائيلي، جاءت نتائج الإنتخابات مخيبة لآماله، بعدما خسر 11 مقعداً عن الانتخابات الأخيرة، وحصل على 31 مقعداً. هذه النتيجة التي أبقت نتانياهو في الصدارة، وحرمته في الوقت ذاته من تشكيل حكومة دون الاستعانة باليسار، الذي حققت أحزابه تقدماً في عدد مقاعدها في الكنيست جعلها تشكل كتلة لا يمكن لأي حكومة قادمة تجاهلها، وهو ما دفع شخصيات إسرائيلية رفيعة المستوى، وفي مقدمتها رئيس الكنيست السابق رؤوفين رفلين، إلى الحديث عن انتخابات جديدة خلال فترة وجيزة، لصعوبة بقاء أي حكومة إئتلافية على قيد الحياة فترة طويلة بسبب النتائج التي حرمت الجميع من الأغلبية المريحة. ضربة قاسية نظير مجلي واعتبر المختص في الشؤون الإسرائيلية، نظير مجلي، في حديث ل «الشرق» أن الجمهور الإسرائيلي «وجَّه ضربة قاسية لنتانياهو، ولكنها ليست قاضية، وعليه أن يغير سياسته اليمينية المتطرفة، ويحسِّن من علاقته مع الغرب، وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي تدهورت بشكل كبير خلال الفترة الماضية. ووصف مجلي سلوك الجمهور الإسرائيلي تجاه نتانياهو «بأنه لا يقبل سياسيته الحالية، وفي نفس الوقت لم يجد بديلاً عنه؛ لذا لم يسارع بالتخلص منه»، وأضاف: في المقابل نتانياهو مطالَب بأن يحدث تقدماً في عملية السلام، وتغيير سياسته الاقتصادية، وإذا لم يقم بذلك؛ فإن حكومته لن تدوم طويلاً وستسقط قبل موعدها. لبيد منتصر يائير لبيد ويرى الباحث في الشأن الإسرائيلي، إسماعيل أبومهرة، أن حزب «يوجد مستقبل» بزعامة يائير لبيد هو المنتصر الحقيقي في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، معتبراً أن «لبيد» هو نجم هذه الانتخابات، وأن عدد المقاعد ال 19 التي حصل عليها، وقوة كتلة اليسار مجتمعة، تجعله صاحب الفيتو الأقوى في تشكيل الحكومة وفى تحديد أولوياتها وسياساتها الاقتصادية والسياسية، مؤكداً أنه إذا «فاز نتانياهو بمقعد رئاسة الحكومة؛ فإن لبيد هو مَن سيشكل حكومة نتانياهو ويحدد برنامجه». ويرى أبو مهرة أن أحد أهم نتائج الانتخابات أن الأحزاب التقليدية في المعسكرين اليميني واليساري خسرت لصالح أحزاب جديدة وأشخاص جدد، وهو ما يصفه ب «المؤشِّر على أن الناخب الإسرائيلي لم يصوِّتْ بدافع الأيديولوجية السياسية، وإنما بدافع رغبته في التغيير، وبدافع رغبته في حياه أفضل، فلا تهديدات نتانياهو السياسية والأمنية قد نجحت، ولا أجندة ليفنى السياسية قد أثَّرت». مستقبل العلاقة مع الفلسطييين وطرحت نتائج انتخابات الكنيست جدلاً واسعاً حول طبيعة العلاقات الفلسطينية – الإسرائيلية المستقبلية، وإمكانية العودة للمفاوضات، ويرى مجلي أن نتانياهو يدَّعي رغبته في «سلام حقيقي» مع الفلسطينيين، يتفق مع سياسته المتطرفة، وهو ما يتناقض مع موقف زعيم حزب «يوجد جديد»، الذي يريد حكومة معتدلة تسعي إلى تحريك المفاوضات. رابطاً ذلك باتفاق الفلسطينيين على برنامج سياسي معقول يمكن أن يحظي بدعم دولي بعد تحقيق المصالحة. من جهته، لا يتوقع الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن يكون هناك سعي إسرائيلي لتحسين العلاقات مع الفلسطينيين، مستشهداً بما جاء في خطاب نتانياهو الذي وصفه ب «خطاب النصر المحمَّل بالهزيمة»، حين تحدث عن خمسة مرتكزات لحكومته الجديدة لم تشمل عملية السلام والتسوية مع الفلسطينيين بشكل وضح. وأشار عطاالله إلى أنه من الصعب تصور شكل الحكومة الإسرائيلية الجديدة؛ لأنها أصعب تركيبة حكومية في تاريخ إسرائيل، ولوجود مشكلة كبيرة في كيفية تشكيلها بسبب رفض أحزابٍ الجلوس مع الأخرى، وبالتالي ستشهد مزيداً من التوتر في العلاقات الفلسطينية – الإسرائيلية، لاسيما وأن التسابق بين الأحزاب اليمينية مبني على أيها أقدر على فرض مزيد من الاستيطان. سنتعامل مع أي حكومة إسرائيلية الرئاسة الفلسطينية من جهتها استبقت تشكيل أي حكومة إسرائيلية جديدة بربط تعاملها معها باعترافها بقرار الأممالمتحدة الخاص باعتبار فلسطين دولة غير عضو، وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبوردينة، «سنتعامل مع أي حكومة إسرائيلية تلتزم بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، القاضي بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس». وأضاف أبو ردينة: «هذا هو الطريق للتعامل مع أي حكومة إسرائيلية قادمة، والتي عليها الاختيار بين السلام أو حالة الجمود التي ستنعكس سلباً على الجميع». الكنيست