تفجّرت مؤخراً، وبشكل مفاجئ، نقاشات حادة بين نقاد ومبدعين «شباب»، بعد نحو أربعة أشهر من الإعلان عن موضوع «ملتقى النص» الذي ينظمه نادي جدة الأدبي، وطالت النقاشات عدداً من الشخصيات والملفات الأدبية والنقدية والثقافية بعامة. وبدأت النقاشات بسجال ساخن بين الناقد محمد العباس، والروائي طاهر الزهراني، على خلفية تخصيص أدبي جدة موضوع «التحديث النقدي والأدبي في المملكة»، كمحور رئيس للملتقى، وقال الزهراني في حسابه على «فيسبوك»، إن هذا المحور يكشف عن «هيمنة النقاد والأكاديميين»، وأن «الإبداع مهمش»، ليفتح بعد ذلك الناقد محمد العباس نافذة النقاش قائلاً «الذين يسيطرون الآن على اللجان السردية والشعرية في الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون هم من الشباب الذين يتظلمون من يُتم النص.. حتى الذين يديرون الصفحات الثقافية ويتحكمون فيما ينشر، وما لا ينشر، هم من الفئة ذاتها.. وأنت تعرف أن بعض المبدعين الشباب امتطوا المنصات أكثر من بعض القامات الثفافية»، ليتساءل «لماذا لا ينظم الشباب القائمين على اللجان والإعلام الصحفي والتليفزيوني ندوات حقيقية بدل التظلم والنحيب». لكن الزهراني قال إنه يتحدث عن «الأكاديميين في الأندية الأدبية تحديداً، وما يمارسونه من تهميش للإبداع، ولا علاقة للإبداع بالسن هنا، وأنا لم أقل أن الشباب فقط مهمشون، لا، بل كل المبدعين يعانون التهميش، ولو ترك لهم المجال في القيام بالأنشطة لرأيت العجب، ثم عن أي جمعية فنون تتحدث، الجمعيات لا يقدم لها أي دعم من الدولة إلا مبلغ تافه جداً، مقارنة بالأندية الأدبية». ورأى الزهراني أن «المبدع يقوم بعمل حقيقي، ولو كان متواضعاً، وغير المبدعين، وهم كومة من الثرثارين، يعجبهم أن يهمش المبدع، وأن يكونوا هم فقط في الصدارة، كونهم لا يستغنون عن التذكرة والإقامة المجانية، والمكافأة، لكن كل هذا يتلاشى ويبقى الإبداع». محمد العباس وردَّ العباس قائلاً إنه «كما أن للشباب نصيب، للمبدعين الشباب نصيب.. وما أعرفه أن أغلب الملتقيات يتم الإعلان عنها، ولا توجه دعوات شخصية»، ليوجه بعد ذلك نقداً حاداً لبعض «الشباب»، ملاحظاً «بعض الشباب استعار لقب الناقد بدون أن يقدم أي إسهام نقدي». ونفى العباس في تعقيبه أي تهميش نقدي، لكنه يرى بوجود «فصيل من المتبطلين في كل الأجيال والفئات يحاول التعيّش على الموائد، وإبداء التظلم». ليضيف «هنالك شباب لديهم زوايا وأعمدة في الصفحات الثقافية يحشونها بالثرثرة.. الفضاء مفتوح للجميع، وأتمنى بالفعل أن أجد من الشباب المبدع تلك المبادرات، والكف عن النواح. لست عضواً في أي مؤسسة ثقافية، ولكن إذا كنت تعرف أي شاب مبدع يريد المشاركة في أي ملتقى فبمقدوري مساعدته.. وما أعرفه أن القائمين على الملتقيات يريدون تجديد الدماء لا الاحتكار والتهميش.. فليتقدم الجيل الجديد بإسهاماته وإبداعه ومبادراته للمنابر، فالنواح لا يفيد». وعاد الزهراني ليوجه اتهاماً للعباس بقوله «يبدو أن نظرتك إلى الشباب، وإلى تجربتهم دونية. أصبحت علكة عندك»، الأمر الذي نفاه العباس في تعقيبه الأخير وقت إعداد هذا التقرير، مبدياً استغرابه من هذا الحكم «كل هذا التشجيع، وأنظر لهم بدونية؟ عموماً، المشهد مفتوح، وأتمنى أن «نشوفهم» في كل المنابر.. وبصراحة، أحسهم قد احتلوها وطردوا المبدعين الحقيقيين.. الإبداع كان ومازال موضوعاً لمتوالية من الملتقيات، ولم يهمش». وشهد الموضوع تعليقات أخرى ساهم فيها عدد من الروائيين والنقاد، من بينهم الروائي عواض شاهر، والناقد علي فايع. يذكر أن «الشرق» كانت قد انفردت في عددها الصادر في العاشر من سبتمبر الماضي بخبر تحديد موعد الملتقى، وتفاصيل المحاور والعناوين المقررة للملتقى، حيث حدد النادي يوم 28 جمادى الآخرة المقبل لانطلاقة الملتقى الذي يستمر ثلاثة أيام تحت عنوان «التحديث النقدي والأدبي في المملكة». واختارت اللجنة المختصة للملتقى المكونة من كل من الدكتور محمد ربيع، والدكتورة فاطمة إلياس، وعلي الشدوي، أن يتناول الملتقى جملة من المحاور تتحدث عن الأطر النظرية والمقدمات التاريخية، ودور المؤسسات الأدبية والعلمية والإعلامية في التحديث النقدي، ومايستلزم ذلك من تجديد في الانواع الأدبية والقراءات المعاصرة.