كشف المشرف العام على مركز التراث العمراني الوطني، الدكتور مشاري النعيم، عن ملامح «الاستراتيجية الوطنية للتراث العمراني»، وشملت إنشاء «سجل وطني»، يُعنى بأرشفة المباني التراثية العمرانية. د. مشاري النعيم وتوقع النعيم أن تتاح في السنوات الخمس المقبلة أكثر من عشرة آلاف مبنى أمام الباحثين والجمهور، مبيناً أن المركز الوطني للتراث العمراني، الذي مضى على إنشائه 18 شهراً، وقَّع اتفاقية مع شركة متخصصة لأرشفة المباني، إضافة إلى تشكيل فرق عمل بالتعاون مع جمعيات ومتطوعين، هدفها رصد المباني التراثية، كما اختار المركز عشر قرى في المملكة العربية السعودية لتدخل ضمن التراث المحافظ عليه، باستثناء المنطقة الشرقية. وتشمل «الخطة الوطنية» إطلاق كود بناء خاص بالمباني التراثية، فيما يظل «التمويل» عائقاً أمام نجاحها. وكشف النعيم، في محاضرة بعنوان «الخطة الوطنية للتراث العمراني»، ألقاها في منتدى الثلاثاء الثقافي في القطيف، أمس الأول، وأدارها المهندس نبيه البراهيم، أن المحافظة على المباني العمرانية تتطلب عملاً وتشكيل فرق وأصدقاء للتراث، مبيناً أن أول فريق شُكل في مدينة جدة. وقال: إن الاستراتيجية الوطنية للتراث العمراني، تحوي ثمانية مسارات، يتمثل الأول في السجل الوطني للتراث، ويشمل التوثيق والتصنيف، وربط المواقع بنظام «الآثار»، الذي أقرَّ قبل عشرة أيام في مجلس الوزراء، مشيراً إلى عدم وجود نظام يحمي التراث العمراني، بل نظام لحماية الآثار، غير أنه بين أنه يتم الآن التعامل مع التراث العمراني كالآثار. وأوضح أن «السجل الوطني» مشروع كبير يحتاج إلى سنوات، تم البدء في المرحلة الأولى منه بتوقيع اتفاقية مع شركة متخصصة لأرشفة المباني التراثية. وبين أن إحدى العقبات تتمثل في أن المباني مملوكة للمواطنين، ولا يمكن إجبارهم على شيء، إلا أنه بعد إقرار نظام الحماية، سيتغير الوضع من المراقبة إلى التدخل المباشر. وأوضح أن القرار 66 الصادر من مجلس الشورى، يمنع المواطن من التصرف في منزله التراثي، وعممت وزارة الداخلية على المناطق بعدم المساس بمواقع التراث العمراني، كما أن وزارة الشؤون البلدية والقروية أنشأت إدارة عامة للمباني التراثية، وأعلنت أمانة الشرقية أنها ستنشئ مركزاً، فيما قررت أمانة الأحساء إنشاء بلدية خاصة بوسط مدينة الهفوف. ويكمن المسار الثاني في «التنمية والتطوير»، بحسب النعيم، الذي أشار إلى ضرورة وضع خطة انقاذ، مضيفاً: بدأنا بعشر قرى تراثية في عدد من مناطق المملكة، باستثناء المنطقة الشرقية، مطالباً أهالي الشرقية بالتعاون مع المركز للبحث عن الأماكن والحفاظ عليها. وأوضح أن من أهداف هذا المسار إيجاد مجال اقتصادي، عبر إتاحة الفرصة أمام الأسر المنتجة والشباب للاستثمار. ويتمثل المسار الثالث في «التقنية»، وذلك بالمحافظة على التراث وإعادة ترميمه، ملمحاً إلى فقدان المعرفة بطريقة بنائها. ولفت إلى أن المركز بدأ بالتعاون مع جامعة الملك سعود في الرياض، لفتح مركز وطني لبحوث العمارة الطينية، إضافة إلى وجود توجه لفتح مراكز بحثية في جامعتي الملك سعود، والملك عبدالعزيز في جدة. وقال: إن المركز يطمح إلى البدء بمشروع «كود بناء» خاص بمباني التراث، مبيناً أن كل منطقة لها «كودها المنفصل والمختلف عن بقية المناطق»، وأنه تم تسجيل ألفي موقع مختلف في المملكة. وأوضح أن المسار الرابع «تعليمي» يتمثل في تقديم دورات في عدد من الجامعات، فضلاً عن السعي إلى إيجاد برنامج وطني للتدريب، ووضع منهج دراسي بدءاً من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة. ورأى في السعوديين أنهم «لا يعرفون بلدهم اجتماعياً وتراثياً»، وأن «العمران التراثي» واجه مقاومة في كليات العمارة، وقال: إن المتخصصين في العمارة يعرفون بعصور أوروبا العمرانية أكثر من معرفتهم بالمبنى الواقع خلف منازلهم». وأضاف: وضعنا برنامجاً لهذا العام يهدف إلى إنشاء مراكز بحثية في الجامعات وتطوير مناهج عمرانية، إضافة إلى العمل على إصدار كتاب عن التراث العمراني. وفيما يتعلق بالمسار الخامس، فأوضح أنه يهدف لتهيئة المجتمع، وتثقيفه عبر وسائل الإعلام، مبيناً أن موقع المركز الإلكتروني يحوي 44 مكاناً وقرية افتراضية، فيما يهتم المسار السادس بتشغيل المواقع وإدارتها. وتوقف النعيم أمام مسار «التمويل»، مبيناً أن الحكومة لن تدفع مالاً للحفاظ على المنازل التراثية، إلا إذا كانت مملوكة لها، لذلك على ملاك المنازل تولي أمرها، ويمكنهم الحصول على قرض حسن، أو التنازل عنها لهيئة السياحة مدة خمسين عاماً، لتتولى الاهتمام بها. وذكر أن أي موقع يتفق السكان على الحفاظ عليه، سيتم العمل مع البلديات على تطوير البنى التحتية المحيطة به، مشيراً إلى أن أهالي شقراء تبرعوا ب 14 مليوناً للمحافظة على التراث.