من الصدف الغريبة التي لها منطق خاص بها ما وجدته في مدينة نيالا في غرب دارفور. لقد استرعى انتباهي أحد أحيائها وقد أطلق عليه سكانه اسم (كمبوديا) ودارت في ذهني عدة أسئلة: ما الذي أتي بكمبوديا هنا؟ ومن الذي أطلق على هذا الحي هذا الاسم الغريب؟ وما الذي يعرفه الناس هنا عن كمبوديا؟ سألت أحد المواطنين فقال لي: الذي أطلق على هذا الحي اسم كمبوديا هو الراديو. قلت وأنا غير مصدق: أتعني الراديو.. الراديو.. هذا المذياع؟ قال ببرود شديد: نعم. قلت: ولماذا وكيف أطلق الراديو هذا الاسم؟ قال: من عادة الناس أن يتجمعوا في المقاهي هنا ليشربوا الشاي ويستمعوا إلى الراديو، وظل الراديو يردد كمبوديا كمبوديا الى أن خطفها شخص ونعت أهالي هذا الحي بأنهم كمبوديون فالتصق بهم هذا الاسم وبحيهم. والغريب في الأمر أن المجلس البلدي أخذ يتعامل معهم بهذا الاسم. قلت: ولكن ما وجه الشبه بين أهالي هذا الحي وأهالي كمبوديا؟ قال: معظمهم نازحون.. طردهم الجفاف من مناطقهم وكذلك الاضطرابات القبلية فجاؤوا واستقروا هنا. ولم تجن الحرب على شعب مثلما جنت على شعب كمبوديا. فقد كانت العاصمة «فنوم بنه» من أجمل العواصم في جنوب شرق آسيا وشعبها من أرقى الشعوب الآسيوية. وكذلك جنت حرب دارفور على بنيها وقد كانت من أجمل مدن غرب دارفور.