تشهد المجمعات التجارية تجمعات مستمرة على مدار العام، ويقف حارس الأمن سليمان مالك يوميا بجانب بوابة أحد المجمعات، يجوب الممرات ليتأكد من حفظ النظام والأمن داخل السوق، يزداد شعور سليمان بأهمية وظيفته عندما يلجأ المارون في السوق إليه متسائلين عن أماكن بعض المحلات أو المرافق، وقوف سليمان اليومي جعله يملك فراسة خاصة تمكنه من قراءة شخصيات المارين من حوله بمجرد إلقاء أحدهم السلام عليه، بعضهم ينظر إليه بابتسامة والبعض، بنظرة عطف، بينما يرمقه آخرون بتعال، ولكن سليمان يظل واقفا مؤمنا بأنه حارس الأمن المسيطر في جميع الأحوال، يتحلى أثناء الفترة النهارية باليقظة والصبر، حيث ذروة الزحام، فقد يجد نفسه أحيانا أمام مواجهات قوية مع رواد المجمع قد تتطور إلى مشادات كلامية، وربما تتحول أحيانا إلى عراك بالأيدي لدرجة تدخل رجال الشرطة لفض الاشتباك، بينما يعتبر أن الدوام الليلي أقل عناء فيتمكن خلاله من الراحة، وفي نفس الوقت كثيرا ما يشعر بالخوف كونه يعمل وحيدا في وقت متأخر من الليل ولا يملك وسيلة للدفاع عن نفسه عند حدوث شيء، وحيث أن التدخين ممنوع داخل المجمع نشأت علاقة صداقة بين سليمان وأصحاب المحلات والبائعين فيها بحيث أصبح مكان وقوفه هو المنطقة المفضلة لتدخين السجائر، وتبادل الحديث حول آخر مستجدات المجمع. هذا هو رجل الأمن سليمان في صراعه اليومي من أجل لقمة العيش، يتحدى نظرة المجتمع الدونية، كما يتحمل الوظيفة المجهدة التي لا تدر عليه دخلاً يكفيه، إذ تتراوح رواتب حراس الأمن بين 1500 إلى 2000 ريال، ويختلف موقع رجل الأمن حسب موقع عمله، إن كان في مجمعات تجارية أوشركات أوغيرها من المنشآت إلا أن طبيعة الوظيفة لا تزال نفسها، فيميزها ضعف الراتب وضخامة المسؤولية، الأخطاء في هذه المهنة مرفوضة لحساسيتها خاصة فيما يتعلق بمواجهة الناس، لا يعيش حارس الأمن حياة سهلة مثل باقي الشباب فطبيعة عمله بنظام المناوبات يعوق ممارسة حياته بطريقة طبيعية، دائما ما نجد حارس الأمن شابا وحيدا يؤجل فكرة الزواج إلى موعد غير معلوم، فهذا الراتب لن يمكنه من فتح بيت ولا إعالة أسرة. تواجه معظم الأوقات محاولات حارس الأمن في المساعدة أو ضبط الأمن بالرفض أو الغضب على اعتباره مجرد شخص يجوب الممرات متطفلا ليفرض شخصيته، هو موظف ضعيف في موقع مسؤولية كبيرة تجعله في حيرة حول كيفية القيام بعمله دون التعرض للإيذاء والإهانة، حارس الأمن عند الحاجة يصبح المرشد و الحارس كما يتحول إلى رجل المرور فقد يشارك في توجيه السيارات أمام البوابات للمساعدة في ضبط حركة المرور، ما يثير غضب بعض السائقين رافضين ما يقوم به كونه بالنسبة إليهم مجرد حارس أمن. تسعى إدارات المجمعات التجارية جاهدة لإخضاع المتقدمين إلى هذه الوظيفة لاختبارات تمتحن كفاءتهم وقدرتهم على التكيف مع هذه الوظيفة، فوظيفة حارس الأمن لا تتطلب شهادات أو مؤهلات علمية، إنما تحتاج شخصية قوية وصارمة وقادرة على التصرف في أسوأ الظروف، وقد صرح المتحدث الرسمي لصندوق تنمية الموارد البشرية سلطان السريع بأن شركات الحراسات الأمنية المبرمة اتفاقية مع الصندوق وضعت حداً أدنى للرواتب هو ثلاثة آلاف ريال، مؤكدا على أن هناك إدارة لمتابعة تنفيذ الاتفاقية، وفي حال الإخلال بهذه الاتفاقية يتم إيقافها.