حسمت لحظات فارقة مصير شاب كان ينتظر بكثير من القلق لحظة القصاص، حين عفا أولياء دم قتيل في الباحة عن قاتل ابنهم لوجه الله ابتهاجاً بشفاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. وأسدل سعيد راضي الغامدي الستار على هذه القضية بالتنازل عن قاتل نجله «محمد» بمباركة أعمام القتيل محمد وعبدالله وعلي لوجه الله تعالى، لينقذ رقبة الشاب محمد عبدالله سابي، قاتل ابنهم، الذي يقبع خلف قضبان السجن في مدينة الباحة، قبل أربعة أيام من تنفيذ القصاص الذي كان مقرراً له يوم الإثنين المقبل. وشهد العفو، في المجلس الذي انعقد في منزل والد الفقيد في رغدان عقب صلاة العشاء يوم أمس الأول، أعضاء لجنة الإصلاح في الباحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن رقوش والشيخ على بن محمد ملحة وأمين اللجنة عبدالرحمن بن عطية أبورياح، إضافة إلى شيخ قبيلة بني خثيم الشيخ عبدالرحمن بن هاشم والدكتور أحمد بن عبدالله العماري ورجل الأعمال محمد بن عبدالله ملة وعبدالله بن معيض سابي وعبدالله حلان، وعدد من أعيان قرية رغدان وأقرباء القتيل. وقد أعرب أمير منطقة الباحة صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز، في اتصال هاتفي بوالد الفقيد وأعمامه، عن شكره على مبادرتهم الرائعة، مؤكداً أن تنازلهم لوجه الله تعالى عن القاتل، أمر عظيم وعمل جليل سيلقون ثوابه عند الله عز وجل في الدنيا والآخرة، سائلاً الله العلي القدير أن يغفر لفقيدهم وأن يسكنه فسيح جناته وأن يبارك لهم في أولادهم وأسرهم. كما أجرى وكيل إمارة المنطقة الدكتور حامد الشمري، اتصالاً هاتفياً بوالد وأعمام الفقيد، شكرهم خلاله على تنازلهم عن القاتل ابتغاء ما عند الله عز وجل، مبيناً أن ذلك يعدّ من أجلّ الأعمال وأعظمها عند الله عز وجل، داعياً الله أن يتغمد فقيدهم بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وأن يبارك لهم في أولادهم وأموالهم. وأعرب عبدالله راضي عن شكره لله عز وجل أن وفقهم للعفو، مؤكداً أن فرحته وجميع أفراد أسرته بشفاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان لها دور بعد الله عز وجل في التنازل لوجه الله ابتغاء ما عند الله. وأهدى العفو لخادم الحرمين الشريفين، سائلاً الله العلي القدير أن يغفر للفقيد ويرحمه ويسكنه فسيح جناته. وأعرب شيخ قبيلة بني خثيم عبدالرحمن بن هاشم، عن سعادته البالغة بهذا العفو، مؤكداً أن أسرة آل راضي من الأسر المشهود لها بالخير، وقدم شكره لأمير المنطقة على متابعته واهتمامه بهذه القضية حتى كتب الله العفو للسجين، كما شكر هاشم أعضاء لجنة الإصلاح وكل من سعى في هذه القضية بالإصلاح، سائلاً الله أن يجعل ذلك في موازين حسناتهم. وقال محمد عبدالله ملة إن الليلة التي شهدت العفو هي من أجمل الليالي في قرية رغدان، ففيها كُتبت حياة جديدة للسجين محمد عبدالله سابي، مبيناً أن العفو من شيم الكرام، سائلاً الله العلي القدير أن يغفر للفقيد وأن يسكنه فسيح جناته وأن يبارك في أسرته ويجزل لهم الأجر والمثوبة. رسالة والدة القتيل إلى زوجها: أرسلت أم القتيل محمد سعيد راضي رسالة تهنئة لزوجها قالت فيها «إن عمر الدنيا قصير وكنزها حقير والآخرة خير وأبقى، فمن أصيب هنا كوفئ هناك، ومن تعب هنا ارتاح هناك، أما المتعلقون بالدنيا العاشقون لها الراكنون إليها فأشد ما على قلوبهم فوت حظوظهم منها وتنغيص راحتهم فيها، لأنهم يرونها وحدها وينسون ما عند الله، فهنيئاً لك أبا محمد يا من اخترت ما عند الله، هنيئا لك الرحمة التي أودعها رب العباد في قلبك، هنيئاً لك ثواب موقفك النبيل، فأنت لم تنقذ روحاً واحدة بل أنقذت أرواحاً كثيرة وكفكفت دموعاً غزيرة، تقف لك الرجال إجلالاً وإكباراً. نسأل الله أن يغفر لميتك ويصلح ذريتك ويشرح بالك ويجبر قلبك ويحفظ مالك ويرعى عيالك ويحقق آمالك». والد الفقيد يتلقى شكر أمير المنطقة ويظهر بجواره عم الفقيد عبدالله (الشرق)