لن نفقد الأمل ونحن نطالب في كل مرة بتحسين أوضاع المعلم أو العلم والتعليم، بل في كل مرة سيزيد حجم المطالبة نظراً لما يشهده العالم حولنا من تقدم علمي ملحوظ وحضارة تُدخل الحسرة لا شعورياً في أنفسنا بسبب تأخرنا عن مواكبة الزمن الذي نعيش فيه، وإضاعة معظم الوقت في سجالات عقيمة، لن نتوقف من أجل إصلاح البيئة التي نعيش فيها والتي لن تنهض سوى بمزيد من العلم الذي يشيد الحضارات، وليس من العدل أن تتحول هذه الحقوق إلي مناشدة واستجداء من أجل تحسين مباني المدارس المتهالكة عندما اتخذ بعض المسئولين ذريعة واهية مثل وعورة تضاريس المملكة وتباعد مساحاتها هي التي حالت دون وصول بعض الخدمات التعليمية إلى جميع الهجر والمحافظات، ليوهمك ذلك بأن مساحتها أكبر من مساحة الولاياتالمتحدة، لنبرر لأنفسنا الكسل والعجز من إيجاد حلول سريعة في زمن أصبح فيه الإنسان لا يتوقف أمام العوائق، بالمقابل اختارت وزارة التربية والتعليم قرار تغيير شعارها الذي يكلف 41 مليون ريال، ويغطي هذا المبلغ جميع المدارس المنتشرة في مختلف المناطق والمحافظات التي تبلغ 32986 مدرسة بناءً على اخر إحصائية، ما سيمنح فرصة لكل مدرسة لتغيير لوحتها إلى الشعار الجديد بمتوسط ألف ريال لكل لوحة، ليصبح الإجمالي 32 مليونا تقريبا، ويشمل ذلك المدارس السعودية في الخارج، وإدارات التعليم، والمكاتب الفرعية والوحدات الصحية، كما أن تغييره في المطبوعات الرسمية والسجلات والمظاريف داخل الوزارة وخارجها من إدارات التعليم قد يتجاوز 9 ملايين، وهذا التوضيح لكي لا تُتَهم الوزارة بتبديد ميزانيتها على توافه وشكليات لا تصب في احتياج الطالب! كنت أتمنى أن يتم إصلاح المدارس التي (تناشد وتستجدي) قبل تغيير الشعار مثل مدرسة القرين المتوسطة والثانوية الأولى التي تدرس طالباتها في مبنى مستأجر متهالك حيث يعيشون في معاناة متكررة مع انقطاع المياه، وطالب أهالي الطالبات في تعليم الأحساء بمعالجة الوضع في أسرع وقت، ولكن ما زاد معاناتهم قلة دورات المياه التي تتشارك بها طالبات ومعلمات المدرسة التي تعتبر كمجمعاغ لمدرستين، خصوصا أن عدد الطالبات أكثر من 290 للمرحلة المتوسطة و220 للثانوية، فيما يفوق عدد المعلمات 40 معلمة، ويفتقر المبنى لخدمات الصيانة بسبب إهمال المؤجر الذي لا يكترث إن كانت مدرسة أو عمارة سكنية لأن إدارة المنطقة التعليمية لم تعط أهمية لهذه الأمور، فبعد تكرار الشكاوى تمت معالجة الوضع بإعادة المياه فقط، بينما تُركت أكثر من 500 طالبة ومعلمة تتكدس على ست دورات مياه، في تهاون معتاد لأبسط احتياجات الإنسان الضرورية، فأصبحت المطالبة بزيادة عدد دورات المياة أمراً عظيماً كمن يطالب بمدينة ملاهي، وفي منطقة ليست بعيدة من العاصمة الرياض تعيش أكثر من 600 طالبة وستين معلمة أوضاعاً دراسية شاقة ومرهقة في (مجمع مدارس القوز الابتدائية والمتوسطة والثانوية في محافظة صبيا) حيث حُشر هذا العدد المهول من الطالبات في المراحل الثلاثه في مبنى مستأجر آخر يفتقد أدنى مقومات الأمن والسلامة ، ويفتقر لأبسط مواصفات البيئة التعليمية، بل تعيش الطالبة أسوأ ساعات يومها في ذلك المبني المتهالك الذي يعيد للذاكرة صور المدارس القديمة في بداية عهد دخول التعليم للمملكة منذ ثمانين سنة، فتجد كل شيء منتهي الصلاحية، فتآكل عازل سقف الفناء المدرسي وفشلت أسياخ الحديد من عزل مياه الأمطار أو الهواء البارد ولم يبق سوى أن يسقط فوق رؤوس البنات لكي يُزال من الخدمة ، ناهيك عن انعدام الصيانة لدورات المياه التي أصبحت مأوى للعناكب والحشرات ، ولم يقم مدير التربية والتعليم في المحافظة إلا بتبرير غير مقنع بأن الإدارة لم تجد حتى الآن مبنى بديلاً، لأن مركز القوز لا تتوفر فيه مبان يمكن استئجارها أو تصلح أن تكون مجمعا للمدارس الثلاث، والحل الوحيد المحتمل تنفيذه نقل طالبات المرحلة الابتدائية، دون أن تُطرح فكرة بناء مدرسه نموذجية باستخدام خرسانة جاهزة البناء مثل مشاريع عديدة أثناء العطلة الصيفية مثلاً، ولأن إمكانيات الدولة ضخمة نعرف جيدا أن هذا ليس بالأمر العسير، لأن نفس الإمكانيات حولت صحراء شيبة والربع الخالي إلي معامل تدب فيها الحياة فهل أصبح تكرير النفط أهم من تعليم الإنسان! وفي النماص أيضاً ناشد أولياء أمور طالبات (ابتدائية آل وليد) الجهات المسؤولة في إدارة التعليم بالتدخل لإنقاذ الطالبات من التهديد بكارثة متوقعه بسبب تجاهل سلامة الطالبات والمعلمات وعدم إزالة أعمدة الضغط العالي بمدخلها ، فضلاً عن وجود مخرج واحد فقط للطوارئ بجوار أعمدة الضغط واستغرب الأهالي من عدم تحرك لجان الأمن والسلامة في إدارة التعليم وإدارة المدرسة في إبلاغ المسؤولين بالملاحظات الموجودة خوفاً على أرواح الطالبات أو لرفع الضرر عنهم أو توفير متطلباتهن من الناحية التربوية بالعمل على توفير معامل ومختبرات تخدم العملية التعليمية، بل تُركت المدرسة تعاني من الشح في عدد الفصول غير القابلة للتوسع حيث لا يوجد بها سوى تسع غرف شاملة الفصول! وعدد المدارس التي تشتكي من الإهمال ليست قليلة ، بل أغلب مدارس البنات تستغيث وتستجدي وتناشد بهذا الشكل المأساوي، الذي أخشى أن يحوله التجاهل المستمر في لحظة إلى نقمة تروح ضحيتها فتيات الوطن في نفس السيناريو الدرامي الذي تكرر السنوات الماضية، فلم ننس حريق مدرسة البنات في مكة الذي كان سببه تماسا كهربائيا، ولم ننس حريق (ثكنة) براعم الوطن ولا العديد من الحرائق الماضية، وإن أجبرت الظروف الطلاب على المناشدة والاستجداء، فلن يستمر هذا الأمر طويلاً حين يصلون للجامعة، لأنهم سينتزعونها بعد أن يدركوا أن التعليم في مبان محترمة من أبسط حقوقهم، ولنا في أحداث جامعة أبها أكبر مثال علي ذلك، وكنت أتمنى حين كان معالي وزير التربية والتعليم تحت قبة مجلس الشورى، أن يكون أول سؤال يُوجه له: «علي ماذا بالضبط صُرفت ال169 ملياراً؟» لنفهم قبل أن تتسلم وزارته ال204 مليارات الجديدة.