فشلت محاولةٌ جديدة من قِبَل رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، في احتواء مطالب المعتصمين في الرمادي بعد فض اجتماعٍ قصير جمع مبعوثه وزير الدفاع بالوكالة، الدكتور سعدون الدليمي، بمنظمي الاعتصام الذين شددوا على أهمية الاستجابة لكل مطالبهم قبل الجلوس لأي حوار تفاوضي، حسب مصادر داخل اللجنة المنظمة للاعتصام. وكان المالكي أشار، في حوارٍ تليفزيوني، إلى انتظاره نتائج الجولة الأولى من محادثات الدليمي مع قيادات الاعتصام، موضحاً أنه أمام أربعة حلول: إما تقسيم العراق، أو اشتعال الحرب الأهلية، وهما حلاَّن يلقيان رفضه، أو تحويل انتخابات مجالس المحافظات المقبلة إلى انتخابات تشريعية مبكرة أو موافقة جميع الفرقاء على الجلوس على طاولة التفاوض. جواز تبكير الانتخابات من جانبه، قال رئيس الجبهة التركمانية النيابية، النائب أرشد الصالحي، إن حلَّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة قد ينهي الخلافات السياسية في العراق، مشيراً إلى أن «عدم وجود أي تنسيق وتفاهم بين الكتل السياسية إضافة إلى الأزمة العالقة بين إقليم كردستان والمركز ثم أزمة اعتقال حماية وزير المالية رافع العيساوي، كلها تعد عوامل تعيق تقدم العملية السياسية في البلاد». وطالب الصالحي بإنهاء ملف قانون انتخابات مجالس المحافظات الذي يمهد لإجراء الانتخابات وينهي الخلافات. بدوره، أكد الخبير القانوني، محمد السامرائي، جواز تقديم موعد الانتخابات النيابية واعتبار الحكومة مستقيلة ومكلَّفة بتصريف الأعمال فقط، بعد أن يتم حل مجلس النواب بإحدى الطرق الدستورية، وهي قرار من البرلمان بحل نفسه أو بناء على طلب رئيس الحكومة المقترن بموافقة رئيس الجمهورية حسب نص المادة 64 من الدستور النافذ، على أن تُجرى الانتخابات النيابية خلال مدة 60 يوماً من تاريخ حل المجلس. استمرار التظاهرات ميدانياً، استمر تدفق المئات من المتظاهرين من محافظة صلاح الدين والنجف ونينوى للمشاركة مع المعتصمين بالقرب من جسر البوفراج شمال الرمادي. وقال أحد منظمي الاعتصام إن وفوداً جديدة بدأت تتدفق إلى ساحة الاعتصام للمشاركة في اعتصام الرمادي لليوم التاسع على التوالي. وأضاف إن الاعتصام مستمر بمشاركة الآلاف من داخل المحافظة وبقية المحافظات، داعياً الحكومة إلى إيقاف سياسة الإقصاء التي تتبعها ضد الشعب العراقي، وإيقاف الانتهاكات ضد السجينات والسجناء داخل السجون الحكومية وإلغاء سياسة الاجتثاث. في السياق ذاته، حذر مجلس شيوخ عشائر محافظة صلاح الدين من خروج الأوضاع في العراق عن السيطرة حال استمرار من وصفهم بصناع القرار في العراق في تجاهل مطالب العراقيين، مبدياً مخاوفه من «طوفان يدمر العراق إذا لم تغير الحكومة العراقية مواقفها». وطالب المجلس، في بيانٍ أصدره رئيسه الشيخ خميس ناجي الجبارة أمس، ب «وقف عمليات إقصاء الآخرين وتهميشهم وملاحقة كثير من الشرفاء تحت مسميات شتى، تارة باسم «المادة 4 إرهاب» وتارة أخرى بدعوى أنهم من أعوان النظام السابق». واعتبر أن «قانون اجتثاث البعث تحول إلى قانون اجتثاث البعض ممن لا تتماشى أفكارهم ونياتهم مع ما تريد الحكومة». وحمّل البيان الحكومة العراقية المسؤولية الكاملة عن وحدة العراق «التي أصبحت على كف عفريت بسبب تصرفاتها الطائفية»، بحسب قوله. وشدد مجلس شيوخ عشائر محافظة صلاح الدين على «ضرورة إلغاء قانون اجتثاث البعث وكل الآثار المترتبة عليه منذ صدوره حتى الآن وإلغاء المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب التي تحولت إلى شماعة لتصفية كل من يعارض نظام الحكم». إلى ذلك، أكد رئيس مجلس النواب، أسامة النجيفي، أن محافظة نينوى مستمرة في تظاهراتها واعتصاماتها لحين إخراج المعتقلين والمعتقلات من السجون. وقال، في مؤتمر صحفي عقده أمس في حضور نواب محافظة نينوى، إن قانون العفو العام موجود في مجلس النواب إلا أن كتلاً سياسية تعرقل التصويت عليه. في المقابل، عدَّت الأمانة العامة لمجلس الوزراء ما يجري الآن من دعوة بعض مجالس المحافظات إلى العصيان المدني وتعطيل عمل الدوائر والمرافق العامة وإيقاف الخدمات» مخالفة للدستور والقوانين النافذة». وقالت في بيانٍ لها «الحريات ينبغي أن تُمارَس في إطار المشروعية وبما لا يخل بالنظام العام والآداب، وأن لا تكون سبباً في إثارة الفوضى، وأن لا تجري إلا بعلم السلطات المختصة وبترخيص منها». وأضافت الأمانة «على الدوائر والمصالح الحكومية في المحافظات الامتناع عن تنفيذ هذه القرارات والأوامر غير المشروعة وإلا تعرضوا للمساءلة القانونية». مبادرات وفي سياق مبادرات التهدئة السياسية، أعلن رئيس مجلس النواب الأسبق، محمود المشهداني، عن إطلاقه مبادرة لاحتواء أزمة التظاهرات والاعتصامات المستمرة في الأنبار وفي عددٍ من المحافظات، بعد عدة لقاءات عقدها مع رئيس كتلة التحالف الوطني الدكتور إبراهيم الجعفري. وعلمت «الشرق» أن مبادرة المشهداني تتركز في دعوة البرلمان إلى عقد جلسة طارئة أو تشكيل لجنة عليا من هيئة رئاسته وعضوية رؤساء قوائم التحالف الوطني والعراقية والتحالف الكردستاني للتوجه فوراً إلى الأنبار والاستماع إلى طلبات المتظاهرين ونقلها إلى قبة البرلمان وعرضها على اللجان المختصة لبيان شرعيتها أو ملاءمتها لمشاريع قوانين أو توصيات تُرفَع للبرلمان من أجل التصويت عليها ثم الدفع بها إلى الحكومة الاتحادية للعمل بها.