لم يعد أطفالنا يلعبون بدراجاتهم في الحي، نساؤنا لا يستطعن زيارة جاراتهن على بعد بيتين مشياً على الأقدام، أسوار وراءها أسوار، الجار أحياناً لا يعرف جاره وأحياناً لا يكلمه، من أفقدنا إنسانيتنا بأحيائنا؟ صرنا نخاف على أطفالنا من اللعب في شارع الحي أحياناً من حوادث السيارات وأحياناً من أسباب أخرى تعنى بسلامة الأطفال وأمنهم، وتخشى النساء المشي بين الأحياء خشية المضايقات التي قد تلاحق أي رداء أسود.في السبعينات كانت الأحياء تعج بصراخ الصبية الذين كانوا يتقاذفون الكرة أحياناً أو يلعبون «العكوس» أو «المصاقيل» لكل موسم صرعته وكانت الأمهات «يتخطرفن» بعباءاتهن للحاق بجلسة «حش» الظهيرة وكان الشارع يمتلئ حميمية. مع المدنية وانفجار التكنولوجيا انكفأ الصغار على أجهزتهم الإلكترونية وكبرت كروشهم وزادت عزلتهم والنساء زادت نظرتهن المادية واشتعلت نيران الغيرة بينهن فصارت الواحدة تحسب ألف حساب حتى ولو لزيارة خاطفة لإحدى الجارات.الأحياء الذكية الجديدة التي بدأت تنتشر في المملكة وهي باختصار تختصر المارين بها لقاطنيها وتعتمد على قلة التقاطعات فيها، هي حل نموذجي لإعادة الروح إلى أحيائنا بحيث تُبعد عنها الفضوليين الذين يثيرون الريبة وتقلل مخاطر الحركة المرورية.ولدينا كلما ارتفع مستوى الدخل زاد تمدن أصحابها وقل ارتباطهم بشوارع الحي. ويظل السؤال محيراً: من يعيد الحس الإنساني في أحيائنا؟