أعاد القضاء الجزائري، وفي خطوة مفاجئة لأوساط المراقبين، فتح ملفات أبرز قادة العمل الجزائري المسلح، حسان حطاب مؤسس «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» التي تحوّلت منذ سنوات إلى تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» بقيادة عبدالملك دروكدال المكنى ب»أبومصعب عبدالودود» وذراعه اليمنى عماري صايفي المكنى «عبدالرزاق البارا» العريف السابق في وحدة المظليين والفارّ من صفوف الجيش الجزائري، الذي انضم إلى الجماعات المسلحة في أوائل التسعينيات من القرن الماضي. وكان حطاب، الذي يسعى القضاء لمحاكمته حالياً، استقال من قيادة الجماعة السلفية العام 2003. وبقي مختبئاً حتى سبتمبر 2005، حين اقتنع بسياسة المصالحة الوطنية التي وضعها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة (إقناع المسلحين بترك العمل المسلح مقابل العفو والاندماج في المجتمع من جديد). إلا أن حطاب أجّل تسليم نفسه حتى سبتمبر 2007، حيث سلم نفسه طواعية إلى السلطات الأمنية، وبقي تحت الحماية والمراقبة الأمنية من دون محاكمة، إلى أن قرر القضاء إعادة محاكمته ووضعه تحت المراقبة القضائية. ووجه حطاب في عدة مناسبات نداءات إلى الجماعات المسلحة بتسليم سلاحها ما أدى إلى استجابة العديد من «أمراء» الجماعات المسلحة ما عدا دروكدال ومساعديه الذين بقوا على قناعاتهم السابقة. وتوقع رئيس اللجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني أن يستفيد مؤسس الجماعة السلفية للدعوة والقتال حسان حطاب من الإفراج، أو انتفاء وجه الدعوى، وذلك على خلفية مساهمته في مسعى السلم والمصالحة الوطنية، وذلك بإقناع عدد من المسلحين بالعدول عن فكرهم والعودة إلى أحضان المجتمع ووضع السلاح، وهو ما تحقق بالفعل على يد حطاب وبعد تدخل عدد من رجال الدين في الجزائر ودول الخليج وعلى رأسها السعودية. وأثارت قضية محاكمة حسان حطاب ومثوله أمام العدالة من عدمه، جدلاً بين المحكمة والدفاع على خلفية صلته بأعمال إرهابية، ولكن فاروق قسنطيني مستشار رئيس بوتفليقة لقضايا حقوق الإنسان يميل إلى المعالجة السياسية لقضية حسان حطاب «لكونه قدم خدمات مفيدة للجزائر وللمصالحة الوطنية». وتوقع عدد من المراقبين إسراع العدالة في معالجة هذه الملفات العالقة لطي صفحة الجماعات المسلحة التقليدية، التي كانت تهدد أمن واستقرار الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي، وأسهم مشروع السلم والمصالحة الوطنية، الذي تقدم به الرئيس بوتفليقة مع بداية ولايته نهاية القرن الماضي، في عودة أجواء الأمن والاستقرار، كما تعد محاكمة حطاب آخر محطات محاكمة زعماء الجماعات المسلحة في الجزائر.