ما إن انقضَى يوم الجمعة 21/ 12/ 2012 حتى أغمضتُ عينيّ مُستلهماً نعمةَ الإسلام، وفرحاً، لا ببقاءِ العالم بل لكذبةِ نهايةِ العالم، رُغمَ إيماني التّام بأنّ قصّة نهاية العالم ليست إلا خُرافة وكذبة نهايةِ السنة.مَرّ هذا اليوم الكَئيب على شعبِ مايا العزيز، وبعض ممن آمنَ بتقويمهم وصدّق مُعتقداتهم، فمنهُم من انتحرَ ومنهم من ودّع أصحابه ومنهم من اعترف بحبه أخيرا، بل حتّى أنهُ وجدَ سبباً مُقنعاً لاعترافهِ بمشاعره نحوها، منهُم من بكى لفُراقِ الأحبّة ومنهم من انغمسَ في نومٍ عميق حتى لا يستقبلَ هذا اليوم بفجعٍ ورُهب فينتقلَ من الموت الأصغر إلى الموتِ الأكبر دونَ حياةٍ بينهما.ومنهم من على شاكلةِ الشاحذِ في حيّنا، فما بينَ الأمسِ واليوم هو نفسهُ دونَ أيّ شعور مُرعب تملّكهُ، وأمّا ذاكَ المجنونُ المارّ من أمام حانوت أبي كلّ يوم الذي أحسدُه على عقلهِ إذ تحمّلَ جنونَ هذا العالم وخُزعبلاته، فلم ينجرف خلفَ نهاية العالم ولم يعش ساعاتها ودقائقها العِجاف.إننا في مسألة الغيب نعيشُ تفوقاً على الغربِ، ونصفُ الشرقِ العلوي، وليسَ لعُروبتِنا فضلٌ في ذلك، بل لدينٍ كاملٍ بيّن لنا الحقائق، فقال جلّ وعلا (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساهَا (42) فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبّكَ مُنتَهَاهَا) وقال تعالى في مُحكمِ آياته (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي)، دينُ الإسلامِ هو دينُ الحثّ على العملِ والاجتهادِ والأخذ بالأسباب، فلو علمَ أحدنا آخرَ عيشِه بيومه ولحظته، لما عاش وأنجزَ وأبدعَ وغامَر، وكانَ جُلّ تفكيره نهايةُ العالم بالنسبةِ له وإلى أين يأوي به وإلى أين يكونُ المُنتهى.وإن كانَ الماضي لنا، وكُنّا فقدنَا الحاضرَ، فالأكيد أنّ المُستقبل لنا أيضا، باجتهادنا وعدم سعيِنا خلفَ المُعتقدات الخاطئة غير المنطقية.