في خضم الأحداث التي يشهدها المشهد السياسي العراقي، ومحاولة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ضرب التوافق والشراكة الوطنية العراقية، من خلال إقصائه للكتلة العراقية، التي تُعد الأكبر في المنظومة السياسية العراقية، وما أفرز ذلك من فوضى، خاصة بعد انسحاب الجيش الأمريكي. “الشرق” التقت نائب رئيس الوزراء العراقي صالح المطلك أحد أهم الزعامات العراقية، وطرحت عليه العديد من المحاور من خلال الحوار التالي: * - إلى أين يقود المالكي العراق خاصة بهذه الفترة الحرجة؟ - تعاملت مع المالكي أيام المعارضة، لكن لم أكن أعرف أنه بهذه الدرجة من الانفرادية والتسلط، كان يتكلم عن الوطنية لكنه اليوم يكشر عن أنيابه، يعتقد أنه قادر أن يسير العراق بالاتجاه الذي يريد، فبدأ بمحاولة إخضاع كل العراقيين، وبالأخص الساسة، وبدأ بمحاولة تمزيق القائمة العراقية كأشخاص وكقوائم، وحاول أن يبعد علاوي بزعم أن العراقية إذا تخلصت منه فإن المالكي مستعد للعمل مع القائمة العراقية، وبعد أن فشل في ذلك بدأ في شراء ذمم بعض المحسوبين على القائمة العراقية، ونجح في استمالة بعض الأشخاص. الانفرادية في الحكم والمتغيرات الإقليمية لا تساعد العراق في النهوض، لذا نعتقد أن الاستمرار بنهجه هذا سوف يقود البلاد إلى التفتيت والتشرذم. * - إلى أين يسير المالكي بالعراق؟ - وصلنا إلى قناعة أن هذا الرجل في غاية الخطورة، ولا يهمه أن يحترق العراق مقابل أن يبقى هو على رأس السلطة، وأصبح هذا واضحاً تماماً من خلال استخدامه سياسة البطش والحديد والنار في سبيل السلطة، وبالتالي فإننا عندما نسأل إلى أين يريد بالعراق فإن الجواب هو أنه يسعى إلى زج العراق في حرب أهلية. * - ماذا سيكسب من ذلك؟ - ما سيكسبه هو بقاؤه في الحكم عبر إقصاء الآخرين. * - بعد كل ما فعله المالكي، هل القرار السياسي في العراق اليوم أصبح إيرانياً شكلاً وموضوعاً وبهذه الطريقة المعلنة؟ - صحيح أن المالكي وصل لسدة الحكم بإرادة أمريكية، لكن القرار اتخذ في طهران. وعندما فشل المالكي بتمزيق القائمة العراقية راح يقضمها واحداً تلو الآخر، وبدأ بصالح المطلك، ومن ثم طارق الهاشمي، وسيستمر إلى كل قادة القائمة العراقية، بحيث ينهي المشروع الوطني في العراق. * - اقترحتم أن يتنحى المالكي لتجنيب البلاد الحرب الطائفية، كيف يمكن تحقيق ذلك؟ - أنا أعرف أن هذا الأمر فيه صعوبة، لكن بدونه لن يكون العراق بخير، لذلك يجب أن نطرق كل الوسائل والسبل للوصول لذلك الهدف، والعقبة اليوم هي إيران، إذا وقفت إيران موقف الداعم للمالكي، فالأمر صعب، لقد تحدثنا مع القادة لكل الكتل السياسية بشأن تغيير المالكي. * - هل لدى “العراقية” سند ودعم مثل ما يمتلك خصومهم من الدعم الإيراني؟ - التغيير في العراق يحتاج إلى الإرادة العراقية والدولية والإقليمية، المنطقة كلها مهددة بالخطر إذا سقط العراق بيد حاكم متفرد. * - من تقصد بالإقليمية؟ هناك تركيا، هناك إيران، هناك الخليج العربي. - أقصد اتحاد الخليج العربي الذي نأمل أن يحصل بأقرب وقت، إضافة إلى تركيا. * - ماذا تقول في مسألة سحب الثقة عن دولتكم، والمالكي يعلم أنه ليس بالأمر السهل، فهذا المنصب كان بتوافق سياسي؟ - هذا الرجل ألغى مفهوم الشراكة الوطنية والتوافق السياسي، وهو مغامر ودخل في هذه المغامرة، ومن الصعب أن تنجح، ونأمل أن تدرك القوى السياسية أن مصلحة العراق وأمنه واستقراره أهم من جميع العناوين الأخرى، وعلى هذه القوى أن تعمل معنا لتصويب العملية السياسية بالاتجاه الصحيح. * - ما السند القانوني للمالكي في مثل هذا التصرف؟ - المالكي حكم ست سنوات، وهو غير قادر على وضع نظام داخلي لمجلس الوزراء، والدستور يتكلم عن صلاحية المالكي في إقالة وزراء حكومته وليس نواب رئيس الوزراء، علماً بأن هذه الحكومة لم تشكل بطريقة الانتخاب إنما جاء الوزراء والنواب للحكومة بطريقة التوافق السياسي. * - إذا أصر المالكي على هذه التصرفات، هل تعتقد أنه سيدفع إلى انهيار الحكومة والعودة إلى نقطة الصفر؟ - سيناريو تغيير المالكي يجب أن يسبقه سيناريو الاتفاق على شكل الحكومة المقبلة. * - كيف تنظرون إلى ما هو قادم في المشهد السياسي العراقي؟ - هناك نوع من الإدراك لدى جميع الشركاء السياسيين بالمخاطر التي تواجه العملية السياسية في العراق نتيجة التفرد بالقرار، ونعمل معاً لوجود مفهوم حقيقي للشراكة، ونأمل أن يأخذوا إخواننا في الكتل السياسية هذا الموضوع على محمل الجد واتخاذ القرار قبل فوات الأوان. * - كيف ترى مستقبل الكتلة العراقية، التي تتميز بالوسطية؟ - الأمل معقود على هذه الكتلة، ولو أتيح المجال لهذه القائمة حكم العراق أربع سنوات لكان الموقف اليوم مختلفاً تماماً، فالقائمة العراقية تشمل جميع مكونات الشعب وتضم الجميع، لكن للأسف الشديد أن أمريكا أخطأت في حساباتها وقدمت تنازلات للمالكي، وأعطته رئاسة الوزراء، في حين كان من المفترض أن تمنح الرئاسة للقائمة العراقية، كونها الكتلة الفائزة بالانتخابات، علماً بأن لها القدرة على إنهاء التخندق الطائفي في العراق، وأقول ومع الأسف، كان موقف الدول العربية موقف المتفرج على المشهد السياسي، وكانت غائبة عن الدعم والمساندة، حتى وصل بنا الأمر إلى هذه الحال. * - ماذا تقول اليوم للقادة العرب؟ - أقول للزعماء العرب إن عليهم مسؤولية كبيرة تجاه العراق، وهو عراقهم وإن غياب الاستقرار والأمن فيه سيؤثر بالتأكيد على استقرار وأمن المنطقة عموماً. المطلك
مظاهرة في الفلوجة احتفالاً برحيل القوات الأمريكية (أ ف ب )